قال ابن حزم-’-" وقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجب على الرجل للمرأة وقد ذكرناه قبل هذه المسألة بمسألتين ومن ألزم المرأة خدمة دون خدمة فقد شرع ما لم يأذن به الله تعالى , وقال ما لا يصح , وما لا نص فيه , وكذلك بين عليه الصلاة والسلام: أن لهن علينا رزقهن وكسوتهن بالمعروف فصح ما قلناه: من أن على الزوج أن يأتيها برزقها ممكنا لها أكله , والكسوة ممكنا لها لباسها , لأن ما لا يوصل إلى أكله ولباسه إلا بعجن وطبخ , وغزل , ونسج , وقصارة , وصباغ , وخياطة , فليس هو رزقا , ولا كسوة - هذا ما لا خلاف فيه في اللغة والمشاهدة -".
3 - أن المعقود عليه من جهتها الاستمتاع, لا الاستخدام وبذل المنافع..
القول الثاني وأدلته:
استدل القائلون بوجوب الخدمة على الزوجة بأدلة أبرزها ما يلي:
1 - عن عائشة أن رسول الله ‘ قال:"لو أمرت أحدا أن يسجد لاحد, لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها, ولو أن أحدا أمر امرأته أن تنقل من جبل احمر إلى جبل اسود ومن جبل اسود إلى جبل احمر, لكان عليها أن تفعل", قالوا:"فهذه طاعته فيما لا منفعة فيه, فكيف بمؤنة معاشه."؟
2 - أن النبي ‘ كان يأمر نسائه بخدمته. فقال:"يا عائشة اسقينا, يا عائشة أطعمينا, يا عائشة هلمي الشفرة, واشحذيها بحجر".
3 - ما ورد عن علي "أن فاطمة عليهما السلام شكت ما تلقى في يدها من الرحى فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فلم تجده فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبت أقوم فقال مكانكما, فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري فقال ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم إذا أويتما إلى فراشكما أو أخذتما مضاجعكما فكبرا ثلاثا وثلاثين وسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين فهذا خير لكما من خادم"
وجه الاستدلال: أن الرسول ‘ لم يقل لعلي عندما اشتكت فاطمة ما تلقى من الخدمة: لا خدمة لك عليها, وإنما هي عليك وهو ‘ لا يحابي في الحكم
أحداً.
4 - ما ورد عن أسماء بنت أبي بكر قالت:" ... ثم تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك إلا فرسه, قالت: فكنت أعلف فرسه وأكفيه مؤنته وأسوسه وأدق النوى لناضحه وأعلفه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن ولم أكن أحسن أخبز وكان يخبز لي جارات من الأنصار وكن نسوة صدق, قالت: وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي على ثلثي فرسخ قالت: فجئت يوما والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه فدعاني ثم قال: إخ إخ ليحملني خلفه, قالت فاستحييت وعرفت غيرتك, فقال والله لحملك النوى على رأسك أشد من ركوبك معه, قالت حتى أرسل إلي أبو بكر بعد ذلك بخادم فكفتني سياسة الفرس فكأنما أعتقتني".
وجه الاستدلال: ما ذكره ابن القيم-’-:من أن الرسول " لما رأى أسماء والعلف على رأسها والزبير معه ,لم يقل له: لا خدمة عليها, وأن هذا ظلمٌ لها, بل أقرّه على استخدامها, وأقر سائر أصحابه على استخدام أزواجهم مع علمه بأن منهن الكارهة والراضية, هذا أمر لا ريب فيه".
5 - ما ذكره ابن القيم -’-" واحتج من أوجب الخدمة بأن هذا هو المعروف ثم من خاطبهم الله سبحانه بكلامه وأما ترفيه المرأة وخدمة الزوج وكنسه وطحنه وعجنه وغسيله وفرشه وقيامه بخدمة البيت فمن المنكر والله تعالى يقول {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} وقال {الرجال قوامون على النساء} , وإذا لم تخدمه المرأة بل يكون هو الخادم لها فهي القَوًّامَةٌ عليه.".
6 - ما ذكره ابن القيم -’-"أن العقود المطلقة إنما تنزل على العرف والعرف خدمة المرأة وقيامها بمصالح البيت الداخلة".
¥