تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إلى اعتبار الأحوال في ذلك فقد تكون خدمة المرأة الأمر والنهي, وقد تكون العمل البسيط ,وقد تكون العمل الشاق وكل هذا يختلف باختلاف الأحوال والعادات.

وقال المرداوي:"قلت: الصواب أن يُرجع في ذلك إلى عرف البلد".

وقال ابن حجر-’-"والذي يترجح حمل الأمر في ذلك على عوائد البلاد فإنها مختلفة في هذا الباب".

وقد انتقد ابن القيم-’- من فرّق بين الشريفة والدنيئة, ونحو ذلك إذ قال:" ولا يصح التفريق بين شريفة ودنيئة وفقيرة وغنية فهذه أشرف نساء العالمين كانت تخدم زوجها وجاءته صلى الله عليه وسلم تشكو إليه الخدمة فلم يشكها", ويمكن الإجابة على هذا من كلام ابن القيم نفسه إذا قال قبل هذا بسطور" وأيضا فأن العقود المطلقة إنما تنزل على العرف ,والعرف خدمة المرأة وقيامها بمصالح البيت الداخلة".

فنحن نوافق ابن القيم-’- في الجزء الأول من الجملة بان العقود المطلقة تنزل على العرف, ونخالفه بإطلاق أن العرف خدمة المرأة وقيامها بمصالح البيت, لأن العرف يختلف من زمن لآخر, ومن بلد لآخر, وهذا مقتضى طرّد الجزء الأول من كلامه -’-.

مناقشة الأدلة والترجيح:

ناقش أصحاب القول الأول ما ساقه أصحاب القول الثاني من الاستدلال بقصة علي وفاطمة وقصة أسماء بأن هذا من باب الاستحباب والتبرع.

قال ابن حزم -’-"قال أبو محمد: لا حجة لأهل هذا القول في شيء من هذه الأخبار , لأنه ليس في شيء منها , ولا من غيرها: أنه عليه الصلاة والسلام أمرهما بذلك إنما كانتا متبرعتين بذلك , وهما أهل الفضل والمبرة - رضي الله عنهما - ونحن لا نمنع من ذلك إن تطوعت المرأة به , إنما نتكلم على سر الحق الذي تجب به الفتيا والقضاء بإلزامه".

وقال ابن قدامة-’-"فأما قسم النبي صلى الله عليه وسلم بين علي وفاطمة , فعلى ما تليق به الأخلاق المرضية , ومجرى العادة , لا على سبيل الإيجاب , كما قد روي عن أسماء بنت أبي بكر , أنها كانت تقوم بفرس الزبير , وتلتقط له النوى , وتحمله على رأسها. ولم يكن ذلك واجبا عليها , ولهذا لا يجب على الزوج القيام بمصالح خارج البيت , ولا الزيادة على ما يجب لها من النفقة والكسوة , ولكن الأولى لها فعل ما جرت العادة بقيامها به ; لأنه العادة , ولا تصلح الحال إلا به , ولا تنتظم المعيشة بدونه".

وقد أجاب أصحاب القول الثاني على هذا: بأن الخدمة لو لم تكن واجبة لما سكت ‘ عن بيان ذلك, لأنه ‘ لا يحابي أحدا, ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة, وقد اقرهم على استخدامهنً.

وناقش أصحاب القول الثاني والثالث ما استدل به أصحاب القول الأول من أن الرزق والكسوة لا تسمى بهذا لغة ولاحسا إلا إذا كانت مهيأة للأكل والشرب, بأن هذا غير مسّلم, فلو أعطى زوجته نقودا ,لكان رازقا لها بالمعروف, واللغة شاهد على ذلكقال

ابن منظور في مادة رزق" ... والرزق ماينتفع به, والجمع: الارزاق, والرزق العطاء ... وقد يسمى المطر رزقا وذلك قوله تعالى: {وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} , وقال تعالى {وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} ".

الترجيح:

والقول الثالث هو القول الراجح-فيما ظهر للباحث-,ولما يلي:

1 - أن فيه جمعا بين أدلة القول الأول والقول الثاني, وفيه إعمالُ للنصوص كلها, فتنزل أدلة القول الأول فيما إذا كان عرف البلد عدم خدمة المرأة ,و وتنزل أدلة القول الثاني على فيما لو كان عرف البلد خدمة المرأة في بيتها.

قال ابن حجر-’- في سياق كلامه على قصة أسماء -الآنفة الذكر-في خدمة الزبير" ... وكانوا لا يتفرغون للقيام بأمور البيت بأن يتعاطوا ذلك بأنفسهم ولضيق ما بأيديهم على استخدام من يقوم بذلك عنهم فانحصر الأمر في نسائهم ... , واستدل بهذه القصة على أن على المرأة القيام بجميع ما يحتاج إليه زوجها من الخدمة واليه ذهب أبو ثور, وحمله الباقون على أنها تطوعت بذلك ولم يكن لازما أشار إليه المهلب وغيره ,والذي يظهر أن هذه الواقعة وأمثالها كانت في حال ضرورة كما تقدم فلا يطرد الحكم في غيرها ممن لم يكن في مثل حالهم وقد تقدم أن فاطمة سيدة نساء العالمين شكت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير