تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[29 - 03 - 06, 04:38 ص]ـ

الإسلام يحرم على الدولة اتخاذ تشريع إجباري في الموضوع:

نعم؛ يحرم الإسلام على الدولة اتخاذ أي تشريع إجباري في الموضوع؛ لأمرين:

أولهما: أن نقل الحكم من الاختياري إلى الإجباري بدون نص صحيح يعد تقدما على الله ورسوله، واتباعا للهوى، واتباعا للأولياء من دون الله، وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله: ? يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ?، [الحجرات: 1]. وقال: ? فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين?، [القصص: 50]. فقسم الأمر – كما قال ابن القيم في "أعلام الموقعين" – إلى أمرين لا ثالث لهما: إما الاستجابة لله والرسول وما جاء به، وإما اتباع الهوى؛ فكل ما لم يأت به الرسول فهو من الهوى. وقال تعالى: ?اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون?، [الأعراف: 3]. فأمر – كما قال ابن القيم أيضا – باتباع المنزل به خاصة، وأعلم بأن من اتبع غيره فقد اتبع من دونه أولياء ...

لا سيما إذا عرف المسلم أن من أئمة الإسلام من يحرم العزل الاختياري عن الحرة والأمة؛ وهو الإمام المجتهد، مجدد القرن الخامس، وفخر الأندلس: أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم المتوفى سنة 456 هجرية؛ فإنه يقول في "المحلى": ((ولا يحل العزل عن حرة ولا عن أمة؛ برهان ذلك: ما رويناه من طريق مسلم: حدثنا عبيد الله بن سعد: نا () المقْبري هو عبد الله بن يزيد: نا سعيد بن أبي أيوب: حدثني أبو الأسود هو تيم عروة عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين عن جذامة بنت وهب أخت عكاشة قالت: حضرت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في أناس؛ فسألوه عن العزل؛ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: ذلك الوأد الخفي. وقرأ: ? وإذا الموؤودة سئلت. بأي ذنب قتلت? ... ))، وزاد ابن حزم فصرح بنسخ هذا الحديث للأحاديث الأخرى المبيحة للعزل؛ وتقدمت جملة منها.

والعالم المنصف لا يمكن أن يرد على ابن حزم فيدعي أن الأحاديث التي سبق إيراد جملة منها هي الناسخة للحديث هذا، ولكن الذي يمكن القول به: هو كراهة العزل الاختياري اعتمادا على حديث جذامة، وهو القول الذي صرح به العلامة أبو الطيب صديق بن حسن القنوجي في: "الروضة الندية في شرح الدرر البهية"، فإنه بعد أن ذكر أدلة القائلين بالمنع وبالجواز؛ قال: (( .... ويمكن الجمع بحمل الأحاديث القاضية بالمنع على مجرد الكراهة فقط، من [القول] التحريم)).

ثانيهما: أنه مخالف للأحاديث الآمرة بالنكاح والتناسل ليكون النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء أتباعا يوم القيامة، وهي مشهورة فلا نطيل بذكرها هنا.

والعلاج الثاني: يكون بالقيام بإصلاح واعي مستمد من كتاب الله وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – ونهضة اقتصادية ثورية لا تحيد عن الإسلام قيد أنملة، تضمن الشغل للعاطلين، وتحل مشاكل المسلمين حلولا معقولة، لا ضرر فيها ولا ضرار، ويغبط المواطنين في الاقتصار على إنتاج بلادهم وبلاد المسلمين، وإيجاد التوازن بين الصادرات والواردات ضمانا للاستقرار، وتعالى الله أن يوجد نسمة بدون رزق وهو القائل: ?وما من دابة إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها?، [هود: 6]. والقائل – كما في الحديث القدسي: ((لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل واحد مسألته؛ ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر)).

غير أنه جعل لكل شيء سببا؛ فدعا إلى استخدام العقل البشري وجميع الطاقات البشرية فيما خلقت له، والآيات في الموضوع كثيرة وشهيرة، وقد تكفل بالتعليق عليها: العلامة المرحوم طنطاوي جوهري – رحمه الله – في كتابه الشهير: "القرآن والعلوم العصرية"، والأستاذ نوفل في كتبه العديدة الشهيرة.

ويسرني هنا أن أنقل للقراء الكرام الشطر الثاني من المقال القيم "من أجل الطيبات" الذي كتبه الأستاذ السيد فتحي عثمان بمناسبة الحملة ضد الجوع التي نظمتها هيئة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة، رادا به على القائلين بأن الجوع نتيجة نوع من القوانين الطبيعية، وقد نشرته مجلة "الأزهر" بتاريخ: صفر 1383، يوليوز 1963؛ قال – جزاه الله خيرا:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير