تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويرد على قول من قال: «ما يستصغره العباد فهو كبائر»: بأنَّ العبد يستصغر النظرة أو سرقة اللقمة، وهي ليست من الكبائر بالاتفاق.

9 ـ تعريف أبي العباس القرطبي

«أنَّ كلَّ ذنبٍ أطلق الشرع عليه أنه كبيرٌ أو عظيم.

ـ أو أخبر بشدَّة العقاب عليه.

ـ أو علَّق عليه حدَّاً.

ـ أو شدَّد النكير عليه وغلَّظه.

وشهد بذلك كتاب الله أو سنَّةٌ أو إجماع فهو كبيرة ... »

.وقد استحسنه الحافظ ابن حجر حيث قال:

«ومن أحسن التعاريف قول القرطبي في المفهم ... ». ثم ذكر الكلام المتقدم وهو كما قالوا من حيث حسنُه وجودته.

10 ـ تعريف الزركشي: أنَّ الكبائر يجمعها ما يلي:

أ ـ الوعيد الشديد.

ب ـ ما تُؤْذِن بقلَّة اكتراث مرتكبِها بالدين ورقَّة الديانة.

جـ ـ ما نصَّ الكتاب على تحريمه.

د ـ ما وجب في جنسه حدّ»

وكلام الزركشي أقرب إلى الضابط منه إلى التعريف، ولكن يؤخذ عليه مع هذا قوله: «ما نصَّ الكتاب على تحريمه» فيعده كبيرة، وليس الأمر كذلك؛ فقد نص القرآن على تحريم أمور لم يعدها العلماء في الكبائر كما في الغيبة التي اتفق العلماء على تحريمها، لكن لم يعدّها كثير منهم في كبائر الذنوب، حيث سيأتي ذكرها ضمن تعداد جملة الصغائر في مبحث الصغائر.

11 ـ تعريف ابن الصلاح: «الكبيرة: ذنبٌ كبير، وعَظُم عِظَماً يصحُّ معه أن يطلق عليه اسم الكبير ...

ثم إنَّ لكبر الكبيرة وعظمتها أماراتٍ معروفة بها:

ـ منها: إيجاب الحدّ.

ـ ومنها: الإيعاد عليها بالعذاب ـ النار ونحوها ـ بالكتاب والسنَّة.

ـ ومنها: وصف فاعلها بالفسق نصَّاً.

ـ ومنها: اللعن ... »

وهو تعريف جيد بالأمارات التي وضعها للكبيرة.

12 ـ يقول العز بن عبد السلام: «والأَولى أن تضبط الكبيرة بما يشعر بتهاون مرتكبها في دينه إشعار أصغر الكبائر المنصوص عليها، ولم أقف لأحدٍ من العلماء على ضابط ذلك»

ويرد عليه: بأنَّ فيه إبهاماً وغموضاً، إذ يقول هو رحمه الله بأنه لم يقف لأحدٍ من العلماء على ضابط ذلك.

13 ـ تعريف القرطبي: «كلُّ ذنبٍ عَظَّم الشرعُ التوعُّد عليه بالعقاب، وشدَّده، أو عَظُم ضرره في الوجود .. فهو كبيرةٌ وما عداه فهو صغيرة ... »

وهو تعريف موفق، جمع فيه القرطبي النص والقياس؛ فما لم يرد النص فيه إذا عَظُم ضرره في الوجود فهو كبيرة.

14 ـ قال القرافي: «الكبيرة ما عظمت مفسدتُها»

وهو تعريفٌ صحيح، إذ الكبائر مفسدتها أعظم من مفسدة الصغائر.

لكن يرد عليه: عدم ضبط عِظَم المفسدة فيدخل فيه الإبهام.

15 ـ تعريف الذهبي: «والذي يتَّجه ويقوم عليه الدليل: أنَّ من ارتكب حوباً من هذه العظائم:

ـ مما فيه حدٍّ في الدنيا: كالقتل والزنا والسرقة.

ـ أو جاء فيه وعيدٌ في الآخرة: من عذاب، وغضب وتهديد.

ـ ولعن فاعله على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كبيرةٌ ولا بدّ»

.وما ضبط به الإمام الذهبي الكبيرة فهو مما اشتُهر الأخذ به والتعويل عليه من العلماء بعد الذهبي رحمه الله.

16 ـ اختيار ابن عابدين أنَّ الكبيرة: «كلُّ ما كان شنيعاً بين المسلمين، وفيه هتك حرمة الله تعالى والدين؛ فهو من جملة الكبائر»

ويأخذ على هذا التعريف: أنه غير منضبط، فالشناعة غير مضبوطة.

وغير مانع: فهتك حرمة الله أو الدين قد تأتي من ارتكاب الصغائر.

التعريف المختار للكبيرة

بعد عرض هذه التعاريف يمكن تعريف الكبيرة بأنها:

كل ذنب أوجب حداً في الدنيا أو وعيداً في الآخرة، بنص القرآن أو السنة الثابتة، أو عظمت مفسدته بما يماثل المنصوص عليه.

محترزات التعريف:

أوجب حداً: فالحدود هي العقوبات المقدرة شرعاً على بعض الأفعال المنصوص عليها، مثل الزنى، وشرب الخمر، والسرقة، وقذف المحصنات، وقتل النفس التي حرم الله.

أما غيرها من الأفعال التي لم يرد النص الشرعي بعقوبات مقدرة لها فلا تعتبر من الكبائر؛ كاللطمة والشتيمة.

أو وعيداً في الآخرة:.ووعيد الآخرة يشمل ما يلي:

ـ العذاب بالنار.

ـ اللعن: وهو الطرد من رحمة الله.

ـ عدم دخول الجنة.

بنص القرآن أو السنة الثابتة:.فلا بد أن تكون الكبيرة منصوصاً عليها.

أو عظمت مفسدته بما يماثل المنصوص:.مثال ذلك تعاطي المخدرات، فهي وإن لم ينص الكتاب والسنة على أنها من الكبائر لكن مفسدة التعاطي عظمت حتى ضاهت أكبر الكبائر المنصوص عليها

وكتب أبو عبد الله الساحلي

الموضوع التالي ضوابط الكبيرة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير