شرعا ً: ترك الزينة و الطيب و نحوها مما يكون من دواعي الجماع، أو المرغبات في الخطبة و ذلك إذا مات للمرأة ميت.
أو: منع المعتدة نفسها الزينة و بدنها الطيب و منع الخطّاب خطبتها و الطمع فيها. (الفتح 3/ 175، 9/ 395، شرح مسلم 10/ 111)
2 - حكمه: الإحداد واجب،و الأصل في وجوبه الكتاب و السنة،واتفاق علماء أهل السنة.
فأما الكتاب: قال الله تعالى:" و الذين يتوفون منكم و يذرون أزواجا ً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر و عشرا ً ". البقرة 234
و أما السنة: قال عليه الصلاة و السلام:" لا يحل لامرأة تؤمن بالله و اليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر و عشرا ً ". متفق عليه عن أم حبيبة،و جاء من حديث أم سلمة أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم تسأل عن ابنتها مات عنها زوجها و اشتكت عينها فقالت: أفنكحها، فقال عليه الصلاة و السلام:" لا " مرتين أو ثلاثا ً:" إنما هي أربعة أشهر و عشرا ً". متفق عليه.
و نقل الاتفاق على وجوبه (المغني 7/ 572، البدائع 4/ 2036، تكملة المجموع 17/ 22)، و نقل عن الحسن البصري و الشعبي أنهما لا يقولان بوجوب الإحداد، قال أحمد: ما كان بالعراق أشد تبحرا ً من هذين و خفي ذلك عليهما ".
3 - الحكمة من وجوب الإحداد: قال النووي:" و الحكمة من وجوب الإحداد في عدة الوفاة دون الطلاق لأن الزينة و الطيب يدعوان إلى النكاح و يوقعان فيه فنهيت عنه ليكون الإمتناع من ذلك زاجرا ً عن النكاح لكون الزوج ميتا ً لا يمنع معتدته من النكاح و لا يراعيه ناكحها و لا يخاف منه بخلاف المطلق الحي فإنه يَستغنى بوجوده عن زاجر آخر ". (شرح مسلم 10/ 113) قال ابن القيم:" الإحداد تابع للعدة بالشهور، أما الحامل فإذا انقضى حملها سقط وجوب الإحداد عنها اتفاقا ً ". (الزاد 5/ 697)
4 - مدة الإحداد:
هي أربعة أشهر قمرية و عشرة أيام بلياليها من تاريخ الوفاة، فلا تحل حتى تدخل الليلة الحادية عشر، و هذا قول جمهور الفقهاء. (الفتح 9/ 397، شرح مسلم 10/ 112)
5 - على من يجب:
يجب الإحداد على الزوجة المدخول بها، و على الكبيرة والصغيرة و كذلك الحرة و الحامل حتى تضع حملها، هذا قول الجمهور خلافاً للحنفية (الفتح 9/ 396)،و الأمة و أم الولد لا يجب عليها إحداد لأنهما ليسا بزوجين (شرح مسلم 10/ 112)، أما الصغيرة فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب الإحداد عليها، والقيد الوارد في الحديث بقوله:" امرأة " خرج مخرج الغالب،و به استدل الحنفية فلم يوجبوه على الصغيرة،و الصحيح قول الجمهور. (الفتح 9/ 395 - 396) و أما الكتابية فقد ذهب الجمهور أيضاً إلى وجوب الإحداد عليها لعموم حديث أم سلمة، وقوله عليه الصلاة و السلام:" تؤمن بالله واليوم الآخر " يحمل على أن المتصف به هو الذي ينقاد إلى للشرع هذا أولاً، وثانياً لتعلق حق الزوج عليها، و خالف الحنفية و بعض المالكية قول الجمهور و قالوا: لا إحداد على الذمية للتقييد بالإيمان، و أجيب: بأنه ذكر تأكيداً للمبالغة في الزجر. (الفتح 9/ 396)
6 - جوازه عن غير الزوج ثلاث ليال:
يجوز للمرأة أن تحد على أحد من قريب أو أجنبي غير الزوج و لكن يحرم عليها أن تزيد فوق ثلاث، و كأن هذا القدر أبيح لأجل حظ النفس و مراعاتها و غلبة الطباع البشرية (الفتح 9/ 397) و دليل هذا حديث أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ". متفق عليه، واستشكل بأن الاستثناء وقع بعد النفي فيدل على الحل فوق الثلاث على الزوج لا على الوجوب، و أجيب: بأن الوجوب استفيد من دليل آخر كالإجماع. (الفتح 9/ 395)
7 - الإحداد عن المفقود:
لا تحد المرأة المفقود زوجها لأنه لم يتحقق وفاته، و في الحديث:" أن تحد على ميت فوق ثلاث ... "،
و لك تفصيل أقوال الفقهاء في هذا:
أولاً: تعريف المفقود: هو الذي لم يدر أحي هو أم ميت. (الفقه الإسلامي 7/ 643)
قال أحمد: المفقود عندنا أن يكون رجل بين الصفوف فيفقد،أو يركب السفينة فتكسر بهم أو يمسي في داره ويصبح فلا يرى. مسائل أحمد برواية بن هانىء (1053)
ثانياً: أنواع الفقد: هما نوعين؛
الأول: فقد عند الحرب أو هلكة كالبحر وغيره،
¥