( ... قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا يُعَامِلُكُمْ اللَّهُ مُعَامَلَةَ الْمَالِ فَيَقْطَعُ ثَوَابَهُ وَرَحْمَتَهُ عَنْكُمْ حَتَّى تَقْطَعُوا عَمَلَكُمْ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَمَلُّ إذَا مَلِلْتُمْ، كَقَوْلِهِمْ فِي الْبَلِيغِ فُلَانٌ لَا يَنْقَطِعُ حَتَّى يَنْقَطِعَ خُصُومُهُ، مَعْنَاهُ لَا يَنْقَطِعُ إذَا انْقَطَعَ خُصُومُهُ، وَإِلَّا فَلَا فَضْلَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ.)
الإمام إبن عثيمين يثبت صفة الملل على حسب قاعدة أهل السنة –إن كان الحديث يدل عليها-
وقال الإمام ابن عثيمين (رحمه الله) في شرح رياض الصالحين-باب الاقتصاد في الطاعة-1/ 463 - (دار الكتب العلمية-ط1):
( ... يعني أن الله عز وجل يعطيكم من الثواب بقدر عملكم، مهما داومتم، فإن الله تعالى يثيبكم عليه.
وهذا الملل الذي يفهم من ظاهر الحديث أن الله يتصف به، ليس كمللنا نحن، لأن مللنا نحن ملل تعب وكسل، وأما ملل الله عز وجل فإنه صفة يختص به جل وعلا، والله سبحانه وتعالى لا يلحقه تعب ولا يلحقه كسل، قال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ) (قّ:38) هذه السماوات العظيمة والأرض وما بينهما خلقها الله تعالى في ستة أيام: الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة، قال: (وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ) يعني ما تعبنا بخلقها في هذه المدة الوجيزة مع عظمها.)
وفي موقع (بدعي) وجدت هذه الفتوى لابن عثيمين رحمه الله:
وقد وردت في منتدى آخر –جيد- عزاها إلى (كتاب"فتاوى العقيدة" للشيخ طبع دار الجيل بيروت، ط2 سنة 1414هـ، ص51 - 52):
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله تعالى -:
هل نفهممن حديث: "إن الله لا يمل حتى تملوا" - متفق عليه - أن الله يوصفبالملل؟ فأجاب - رحمه الله تعالى -:
(من المعلوم أن القاعدةعند أهل السنة والجماعة أننا نصف الله تبارك وتعالى بما وصف به نفسه من غير تمثيلولا تكييف. فإذا كان هذا الحديث يدل على أنلله مللاً فإنملل الله ليس كمثل مللنانحن بل هو ملل ليس فيه شيء من النقص أماملل الإنسان فإن فيه أشياء من النقص لأنه يتعب نفسياً وجسمياً مما نزل به لعدم قوةتحمله، وأما ملل اللهإن كان هذا الحديث يدلعليهفإنه ملل يليق به عزّ وجلولا يتضمننقصاً بوجه من الوجوه. "
وفي أحد المنتديات الجيدة نقل عن الإمام ابن عثيمين:
وقد سئل: هل نثبت صفة الملل لله عز وجل؟ فأجاببقوله: ((جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (فإن الله لا يملحتى تملوا) فمن العلماء من قال إن هذا دليل على إثبات الملل لله، لكن ملل اللهليس كملل المخلوق، إذ إن ملل المخلوق نقص، لأنه يدل على سأمه وضجره من هذا الشيء، أما ملل الله فهو كمال وليس فيه نقص، ويجري هذا كسائر الصفات التي نثبتها لله علىوجه الكمال وإن كانت في حق المخلوق ليست كمالاً. ومن العلماء من يقول إنقوله: (لا يمل حتى تملوا) يراد به بيان أنه مهما عملت من عمل فإن اللهيجازيك عليه فاعمل ما بدا لك فإن الله لا يمل من ثوابك حتى تمل من العمل، وعلى هذافيكون المراد بالملل لازم الملل. ومنهم من قال: إن هذا الحديث لا يدلعلى صفة الملل لله إطلاقاً لأن قول القائل: لا أقوم حتى تقوم لا يستلزم قيامالثاني وهذا أيضاً (لا يمل حتى تملوا) لا يستلزم ثبوت الملل لله عز وجل. " وعلى كل حال يجب علينا أن نعتقد أن الله تعالى منزه عن كل صفة نقص من المللوغيره وإذا ثبت أن هذا الحديث دليل على الملل فالمراد به ملل ليس كملل المخلوق. (مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - المجلد الأول)
ووجدت في ذات المنتدى نقلا آخر عن فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله قوله:
( ... وأما الملل المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم:" اكلفوا من العلم ما تطيقون فإنالله لا يمل حتى تملوا". فالعلماء مختلفون في دلالة الحديث على إثبات الملل صفةلله تعالى، فقال بعضهم: إنه لا يدل على إثبات الملل، وأنه من جنس قول القائل: فلان لا تنقطع حجته حتى ينقطع خصمه. لا يدل على إثبات الانقطاع.ومنهم من قال: إنه يدل على إثبات الملل، وتأوله بقطع الثواب، فمعناه أن الله لا يقطع الثوابحتى تقطعوا العمل ففسروا اللفظ بلازمه.ويمكن أن يقال: إنه يدلعلى إثبات الملل صفة لله تعالى في مقابل ملل العبد من العمل بسبب تكلفه، وإشقاقهعلى نفسه، والملل من الشيء يتضمن كراهته، ومعلوم أن الله تعالى يحب من عبادهالعمل بطاعته ما لم يشقوا على أنفسهم، ويكلفوها ما لا تطيق فإنه الله يكره منهمالعمل في هذه الحال، والله أعلم بالصواب)
ونقلا آخر أيضا عنسماحة الإمام محمد بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله في " الفتاوى والرسائل " (1/ 209):
( ... فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تملُّوا: من نصوص الصفات، وهذا على وجه يليق بالباري، لا نقص فيه؛ كنصوص الاستهزاءوالخداع فيما يتبادر)
والله أسأل أن يجزي من نقلنا عنهم خير الجزاء، وإن كان لدى أحد من الأخوة ما يضيفه هاهنا فليتفضل وليدلي بدلوه مشكورا مأجورا إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم:
أبو معاذ زياد الجابري
¥