الثاني: عتق الرجل عبده بعد موته، فيقول: أنت حر بعد موتي؛ فهو مُدبَّر؛ من دبَّرت العبد؛ إذا علقت عتقه بموتك.
الثالث: أثْر الحديث، والتحديث به عمن يرويه، كما في حديث سلام بن مسكين؛ قال: سمعت قتادة يحدث عن أبي الدرداء يدبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "مَا مِنْ يَوْمٍ طَلَعَتْ شَمْسُهُ إِلاَّ وَكَانَ بِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَانِ ... " الحديث [16] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn16).
التدبر في القرآن
ورد استعمال الأصل (دَبَرَ) في القرآن الكريم بصيغ شتى، في آي عدة؛ بلغت أربعًا وأربعين [17] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn17)؛ لا تخرج عن المعاني السبعة التالية، وقد مثلت لكل معنى بالآية أو الآيتين؛ ليقاس على المثال ما لم أذكر من سائر الآيات.
الأول: (الظَّهر)، وقد ورد بصيغة المفرد في خمس آيات [18] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn18)؛ منها قوله تعالى عن نبيه يوسف عليه السلام: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ .. } [يوسف: 25].
وقوله تعالى عن التولي عند القتال: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ .. } [الأنفال: 16].
وورد بصيغة الجمع في اثنتي عشرة آية [19] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn19)؛ منها قوله تعالى: {وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنْصَرُونَ} [آل عمران: 11].
وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} [محمد: 25].
الثاني: (الرجوع)، وقد ورد في سبع آيات؛ منها قوله تعالى عن موسى عليه السلام: {فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ} [النمل: 10]، وقوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ} [20] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn20).
الثالث: (التولي والعدول)، وقد ورد في خمس آيات منها قوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِلشَّوَى تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} [21] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn21).
الرابع: (الأصل والأثر)، وقد ورد في أربع آيات منها قوله تعالى: {وَيُرِيدُ اللهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} [22] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn22).
الخامس: (آخر الأمر)، وقد ورد في موطن واحد هو قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40].
السادس: (التدبير)، وقد ورد في أربعة مواطن منها قوله تعالى: {يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} [23] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn23).
السابع: (التدبر)، وقد ورد في أربع آيات هي قوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [النساء: 82]، وقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الأَوَّلِينَ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ .. } [المؤمنون: 68]، وقوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلْبَابِ} [ص: 29]، وقوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24].
وهذه المعاني هي التي ذكرها الفقيه الدامغاني في كتابه [24] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn24)؛ ما عدا السادس، وجعل مكان التولي والعدول: الدين الباطل، ومكان الرجوع: الذهاب، ومكان الأصل والأثر: الغابر، ومكان التدبر: التفكر.
¥