تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما الدين الباطل، فمثل له بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} [محمد: 25]، قال: (يعني دين آبائهم، وهم اليهود، كقوله تعالى في سورة الإسراء: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} [الإسراء: 46]؛ يعني رجعوا إلى أصنامهم وعكفوا على عبادتها) [25] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn25).

وهذا المعنى أخص من التولي والعدول؛ لأن الرجوع إلى الأصنام والعكوف على عبادتها مجرد نوع من أنواعه؛ فلا يشمل مثل قوله تعالى عن فرعون: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات: 22]، قال الإمام الشوكاني رحمه الله: "أي تولى وأعرض عن الإيمان (يسعى) أي يعمل بالفساد في الأرض، ويجتهد في معارضة ما جاء به موسى" [26] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn26).

وأما معنى الذهاب، فليس كمعنى الرجوع؛ وإن كان سياق الآيات التي ورد فيها يدفع ما بينهما من التباين في اللغة؛ إذ كل رجوع ذهاب، وليس كل ذهاب رجوعًا.

قال الإمام الشوكاني -رحمه الله – في بيان معنى قوله تعالى: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ} [الأنبياء: 57]-: "أي بعد أن ترجعوا من عبادتها ذاهبين منطلقين" [27] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn27)، فجمع بين الذهاب والرجوع في نسق، ويدل على لزوم التخصيص قوله تعالى: {فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ} [القصص: 31]، فإن قوله (أقبل) لا يقال إلا للذاهب راجعا، وأيضا؛ فإن الذهاب: "السير والمرور" [28] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn28)، أما الرجوع فهو: "المصير إلى الموضع الذي كان فيه قبل، والانصراف" [29] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn29)، والمرجوع: جواب الرسالة كما قال الشاعر:

سَأَلْتُهَا عَنْ ذَاكَ فَاسْتَعْجَمَتْ لَمْ تَدْرِ مَا مَرْجُوعَةُ السَائِلِ [30]

ويجوز أيضا استثناء معنى الهزيمة من عموم معنى الظهر الأول؛ لأنه مجرد صورة له لا تمنع دخول غيره فيه، فالفرق صريح بين قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ .. } [الأنفال: 50]، وقوله تعالى: {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [آل عمران: 111]، ووجهه أن معنى الظهر في الآية الأولى متعلق بنفس الضارب دبره؛ لا يتعداه، ومعناه في الآية الثانية متعلق بأثر خارجي؛ ألجأ العدو إلى تولية دبره لمن دحره انهزاما وانفلالا.

ويؤيده قول الشوكاني رحمه الله -في قوله تعالى: {فَلَمَّا رَآَهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ} -: "أي منهزمًا، وانتصاب مدبرًا على الحال" [31] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn31).

ومنه الدبْرة – بالإسكان والتحريك – وهي: الهزيمة في القتال [32] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn32).

قال ابن منظور: "وهو اسم من الإدبار، ويقال: جعل الله عليهم الدبرة؛ أي الهزيمة، وجعل لهم الدبرة على فلان؛ أي الظفر والنصرة" [33] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2100#_ftn33).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير