أَوَمَا قَرَأْتِ: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}؟ قَالَتْ: بَلَى.
قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ."
ورد في الإتقان:
وقال الشافعي مرة بمكة: سلوني عما شئتم أخبركم عنه في كتاب الله، فقيل له: ما تقول في المحرم يقتل الزبور، فقال بسم الله الرحمن الرحيم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.
وقال ابن حزم في الإحكام في أصول القرآن:
أن السنة إنما وجب اتباعها بالقرآن في قوله تعالى: " وما أتاكم به الرسول فخذوه "
ورد في البرهان:
"مجمل في قوله تعالى ويدرأ عنها العذاب وأما تعيين الرجم من عموم ذكر العذاب وتفسير هذا المجمل فهو مبين بحكم الرسول وبأمره به وموجود في عموم قوله وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقوله من يطع الرسول فقد أطاع الله"
وقال الجصاص في أحكام القرآن:
"وَشَذَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْخَوَارِجِ بِإِبَاحَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ مَنْ عَدَا الْأُخْتَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} وَأَخْطَأَتْ فِي ذَلِكَ وَضَلَّتْ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَمَا قَالَ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} قَالَ: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمُ الْجَمْعِ بَيْنَ مَنْ ذَكَرْنَا، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَضْمُومًا إلَى الْآيَةِ، فَيَكُونُ قَوْله تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} مُسْتَعْمَلًا فِيمَنْ عَدَا الْأُخْتَيْنِ وَعَدَا مَنْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ بَيْنَهُنَّ."
بواسطة أبو حازم الكاتب:
أما ما ذكرته أخي الكريم ... وفقك الله فهذا يدخل ضمن اجتهاد النبي وقد اختلف في جوازه والراجح عند الجمهور جوازه لما ذكرته أخي في الحديث ولحديث العباس في استثناء الإذخر ولما وقع في أسارى بدر والمتخلفين عن غزوة تبوك وغيرها ولأن النبي قد اكتمل فيه شروط الاجتهاد أكثر من بقية الخلق فهو أولى بذلك لكن لكونه في منصب المبلغ كان لا بد من إقرار الله له بذلك أو إنكاره فينزل الوحي بأحد الأمرين وعليه فكل حكم في الشريعة ينتهي إلى أنه وحي.
أي أن الخلاف هنا لفظي، كما يقول أهل الأصول، والله أعلم وأحكم.
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[13 - 08 - 08, 02:55 م]ـ
الإخوة الأكارم محمد، أبو الأشبال بارك الله فيكم
كلام الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليس كله وحيٌ قطعا، فهناك من كلامه ما هو وحي يوحى، وفيه نزلت الآية، وعليه تُحمل باقي النصوص المماثلة .. وهناك من كلامه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ما هو اجتهاد منه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بناءً على ما فهمه من القرآن، وعليه تُحمل النصوص التي توهم تعارضا .. لكن اجتهاده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير اجتهادنا؛ حيث أن هناك فروقٌ كثيرة منها - للتمثيل -:
- اجتهاده مصوَّب: بمعنى أنه صحيح وحكمه قطعي لا يتطرق إليه الظن بلْه الشك؛ أو اجتهادا خالف الأصح فيرد الوحي للتقويم والأمثلة كثيرة ..
- اجتهاده قد يكون مع وجود النص: ولا اجتهاد مع النص في حقنا ..
وهذا المبحث الأصولي المهم قد اشتغلت به منذ أزيد من عامين ولا زلت أتابعه بتوفيق الله، وقد جمعت لحد الآن أزيدَ من أربعين دليلا على ثبوت اجتهاده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - .. والبحث بعدُ مسود، إلى حين تبييضه أسأل الله لي ولكم السداد.
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[13 - 08 - 08, 07:21 م]ـ
شيخنا الفاضل إبراهيم الجزائري وفقك الله لإتمام بحثك على أكمل وجه وأحسنه.
وما أردت تسليط الضوء عليه هو النقطة التالية.
السلام عليكم،
أم أن ما جاء فيه تشريع فهو وحي، أما أمور المتعلقة بالدنيا فليست كذلك.
و جزاكم الله خيرا.
أما كون كل كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وحي،
فما أريد قوله
أعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم اجتهد في بعض المسائل
ومؤكد أن الله تعالى سمح لرسوله الكريم بهذا الاجتهاد.
فالرسول صلى الله عليه وسلم {مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى}
والله أعلم وأحكم.