قال: (أو حجم أو احتجم) الحجامة: هي يأتي حجَّام إلى موضع من البدن فيجرحه بمشرط ونحوه ثم يأتي بما يسحب به الدم وهي معروفة من قديم الزمان وقد ورد ذكرها في الحديث الصحيح من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وفعله -عليه الصلاة و السلام- قد جاء في صحيح البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن أمثل ما تداويتم به الحجامة) فهي من أنفع ما يكون للبدن وقد جاء أيضاً في الحديث الآخر وهو حديث صحيح (من احتجم لسبعة عشرة أو تسعة عشرة أو إحدى وعشرين كانت شفاء من كل داء).
وقد أثبت الطب الحديث الفوائد العظيمة للحجامة فوائد عظيمة جداً فهي مما يستشفى منه فقد احتجم النبي -صلى الله عليه وسلم- عدة مرات وقد أصبحت الآن الحجامة تمارس في بعض المستشفيات فيما يسمى بالطب البديل, المقصود أنها مما يستشفى به ويجب أن يعتقد المسلم أن ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- حق فإنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وقد قال -عليه الصلاة و السلام- في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه: (إن أمثل ما تداويتم به الحجامة) وقد ذكر ابن القيم فوائد عظيمة لها وكذلك أيضاً وجدت بعض الكتب المعاصرة التي تكلمت عن فوائدها, المقصود أن الحجامة هل يحصل بها التفطير للصائم أم لا؟
يرى المؤلف أن الحجامة يحصل بها التفطير لللصائم ولهذا قال: (أو حجم أو احتجم) حتى ولو حجم ولم يحتجم يعني: هو الذي فعل الحجامة هو الذي قام بالحجامة, الحاجم يفطر والمحجوم يفطر أيضاً وهذا القول من المفردات عند الحنابلة وإذا قلنا: إن هذا القول من المفردات فما المقصود بذلك؟
لم يقله أحد من المذاهب
يعني: انفرد به مذهب الحنابلة بينما المذاهب الأخرى على قول آخر فهذا القول من المفردات عند الحنابلة يعني: أن الحنابلة قالوا بهذا القول بينما المذاهب الأخرى على خلافه نجد أن مذهب الحنفية والمالكية والشافعية على أن الحجامة لا تفطر الصائم وأما الحنابلة فقالوا: إنها تفطر الصائم.
والحنابلة استدلوا لذلك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لما مر على رجل يحجم آخر قال: أفطر الحاجم والمحجوم) وهذا الحديث [أخرجه أبو داود وبن ماجة والدارمي وابن حبان وأحمد بإسناد صحيح] وهذا الحيث من جهة الإسناد صحيح قد صححه ابن المديني والبخاري وقال ابن خزيمة: ثبتت الأخبار بذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو صريح الدلالة (أفطر الحاجم والمحجوم).
وأما جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية قالوا: إن الحجامة لا تفطر الصائم واستدلوا بما جاء في صحيح البخاري (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم محرم) وقالوا: النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم ولو كانت الحجامة تفطر الصائم لما فعل ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- والذي عليه أكثر المحققين من أهل العلم هو أن الحجامة تفطر الصائم وذلك لحديث شداد بن أوس (أفطر الحاجم والمحجوم) وهو من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-.
معلوم أن القول أصرح من الفعل وأن الفعل يرد عليه احتمالات كثيرة ولذلك فإن الحديث الذي استدل به الجمهور (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو صائم) يرد عليه عدة احتمالات يرد أنه منسوخ ويرد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك في صوم نافلة ويحتمل أنه فعله في السفر والمسافر يجوز له أن يفطر فيرد عليه عدة احتمالات, وأما (أفطر الحاجم والمحجوم) فهو من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- ولهذا فالقول الصحيح الذي عليه أكثر المحققين من أهل العلم هو أن الحجامة تفطر الصائم لهذا الحديث وما جاء في معناه كما ذكرنا هذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وأيضاً اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمة الله على الجميع-.
تفطير الحجامة للصائم من أجل الضعف الذي يصيبه فإن الإنسان إذا حجم خاصة في أول النهار يصيبه شيء من الضعف يحتاج إلى أن يأكل ويشرب ليجبر هذا الضعف الذي حصل بسبب الحجامة.
¥