ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:57 ص]ـ
الدرس العشرون
مفسدات الصيام
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين ... أما بعد ..
فكنا قد بدأنا في الدرس السابق في مفسدات الصيام وذكرنا جملة من هذه المفسدات وذكرنا أن أصول هذه المفسدات مذكور في قول الله - عز وجل-: ? فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ? [البقرة: 187].
فذكر الله - عز وجل- أصول المفطرات وهي الأكل والشرب والجماع وذكرنا أيضاً جملة أخرى من المفطرات على ضوء ما ورد من النصوص والأحاديث في السنة وكان مما ذكرناه: مسألة ما إذا استعطى أو وصل إلى جوفه من أي موضع كان, عرفنا أن السعوط هو دواء يوضع عن طريق الأنف وقلنا: إن قطرة الأنف يحصل به التفطير للصائم إذا وصل ماء القطرة إلى الحلق وإلى الجوف.
وأيضاً ذكرنا مسألة من استقاء وقلنا: إن من استقاء متعمداً فإنه يفطر أما من ذرعه القيء فإن صومه صحيح ولا قضاء عليه وذكرنا حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- الوارد في هذا وأيضاً ذكرنا ما إذا استمنى متعمداً فإنه يفسد صومه كذلك أيضاً إذا جامع زوجته في نهار رمضان فإنه يفسد صومه ويجب عليه- مع ذلك- التوبة والكفارة المغلظة وتكلمنا عنها بالتفصيل, أيضاً ذكرنا خلاف الفقهاء في المذي هل يفسد الصوم أم لا يفسد؟ ذكرنا أن القول الراجح أنه لا يفسد الصوم ثم كانت آخر مسألة تكلمنا عنها في الدرس السابق هي الحجامة وهل تفطر الصائم أم لا؟ ذكرنا خلاف الفقهاء في ذلك وأن القول الراجح في هذه المسألة هو أن الحجامة تفطر الصائم لحديث (أفطر الحاجم والمحجوم).
في هذا الدرس نكمل بقية المفسدات ونبتدئ أولاً: بقراءة عبارة المؤلف -رحمه الله تعالى-.
يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: (أو حجم أو احتجم عامداً ذاكراً لصومه فسد صومه وإن فعله ناسياً أو مكرهاً لم يفسد صومه وإن طار إلى حلقه ذباب أو غبار أو تمضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء أو فكر فأنزل أو قطر في إحليله أو احتلم أو ذرعه القيء لم يفسد صومه ومن أكل يظنه ليلاً فبان نهاراً أفطر ومن أكل شاكاً في طلوع الفجر لم يفسد صومه وإن أكل شاكاً في غروب الشمس فسد صومه).
قبل أن نشرح عبارة المؤلف وما ذكره من مسائل نضيف بعض المفطرات أو بعض ما تكلم فيه العلماء من جهة كونه له أثر على الصوم أو ليس له أثر ثم بعد ذلك نربط هذه المفطرات أو التي قيل: إن لها أثراً على الصوم بعبارة المؤلف -رحمه الله تعالى-.
السواك:
مما تكلم عنه الفقهاء في هذه المسائل وفي هذا الباب مسألة السواك للصائم وهل يكره السواك للصائم أو لا يكره؟ اختلف العلماء فلي هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه يكره السواك للصائم مطلقاً.
والقول الثاني: أنه يكره السواك للصائم بعد الزوال ولا يكره قبل الزوال وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
القول الثالث: أنه لا يكره السواك للصائم مطلقاً سواء قبل الزوال أو بعده بل هو مستحب للصائم ولغير الصائم قبل الزوال وبعد الزوال.
هذه مجمل أقوال العلماء في هذه المسألة، أما من كره السواك للصائم مطلقاً فاستدل بحديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) حديث طويل موضع الشاهد منه قوله: (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) والخلوف: هو الرائحة التي تنبعث من فم الصائم عند خلو المعدة من الطعام وهي رائحة كريهة مستقذرة ولكن لما كانت ناشئة عن عبادة كانت محبوبة عند الله - عز وجل- كما أن دم الشهيد أطيب عند الله من ريح المسك ولهذا قالوا: إن استعمال السواك للصائم يزيل هذه الرائحة فكان مكروهاً.
وأما من قال بأن السواك يكره للصائم بعد الزوال ولا يكره قبله فاستدلوا على ذلك بحديث على -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (استاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي) أخرجه الدار قطني في سننه.
¥