تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما أصحاب القول الثالث الذين قالوا: لا يكره السواك للصائم لا قبل الزوال ولا بعده قالوا: لأنه لم يرد ما يدل على كراهة السواك للصائم, لم يرد في ذلك دليل صحيح صريح وأما ما استدل به من قال بالكراهة مطلقاً أو من قال بالكراهة بعد الزوال أما حديث أبي هريرة فهو في الصحيحين (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) لكن هذا الحديث وإن كان صحيحاً إلا أنه لا دلالة فيه على كراهة السواك للصائم وذلك أن هذا الخلوف وهذه الرائحة المستكرهة إنما تنبعث من المعدة ولا تنبعث من الفم, صحيح أن مصدرها من الفم لكن منشؤها من المعدة ولذلك لا أثر للسواك في إزالة هذه الرائحة ولهذا فإن الصائم مهما استاك فإن هذه الرائحة تبقى لأن منشأ هذه الرائحة المستكرهة إنما هو من المعدة وليس منشؤها من الفم وإن كانت تنبعث من الفم إلا أن منشأها من المعدة فالسواك ليس له أثر في إزالة هذه الرائحة فنجد أن هذا الدليل وإن كان صحيحاً وهو في الصحيحين إلا أنه لا دلالة فيه على كراهة السواك للصائم.

وأما حديث على -رضي الله تعالى عنه-: (استاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي) هو حديث ضعيف أخرجه الدارقطني في سننه لكنه حديث لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وبذلك يعلم أنه لم يثبت في كراهة السواك للصائم دليل صحيح صريح وإذا كان ذلك كذلك فالأصل هو استحباب السواك للمسلم مطلقاً وهذا هو القول الصحيح في هذه المسألة وهو أن السواك لا يكره في حق الصائم بل هو مستحب للصائم قبل الزوال وبعده ويؤيد ذلك حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) وهو حديث صحيح.

وأيضاً حديث عامر بن ربيعة وإن كان في سنده مقال (رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر مما لا أحصيه يتسوك أو قال يستاك وهو صائم) ولكن هذا الحديث ضعيف وإن كان البخاري قد ذكره في صحيحه معلقاً له لكن بصيغة التمريض [أخرجه أبو داود والترمذي لكنه حديث ضعيف].

وعلى كل حال نستدل بعموم الأدلة التي تدل على استحباب السواك للمسلم ويشمل ذلك الصائم, المسألة إذن ليس فيها دليل يدل على كراهة السواك للصائم لا قبل الزوال ولا بعده وبهذا نعرف أن السواك مستحب للصائم ولغير الصائم.

ننتقل بعد ذلك إلى مسألة لها ارتباط بالسواك وهي استعمال الفرشاة والمعجون للصائم وهذه مسألة يكثر السؤال عنها خاصة استعمال المعجون نقول أولاً: استعمال الفرشاة والمعجون هو في الحقيقة داخل في معنى وفي مسمى السواك يعني السواك لا ينحصر في عود الأراك وإنما هو اسم للآلة التي يستاك بها، السواك يعرفه العلماء بأنه: اسم للآلة التي يستاك بها لكن قالوا: إن أفضل ما يستاك به عود الأراك لكن ليس معنى ذلك حصر السواك في عود الأراك ولهذا تكلم الفقهاء عن حكم الاستياك بالإصبع والخرقة ورجح الموفق ابن قدامة -رحمه الله تعالى- في المغني أن من يستاك بالإصبع والخرقة يصيب من السنة بقدر ما يحصل له من الإنقاء فإذا كان الفقهاء قد ذكروا أن من استاك بالإصبع والخرقة يصيب من السنة بقدر ما يحصل من الإنقاء فكيف باستعمال الفرشاة والمعجون؟!! مع أن استعمال الفرشاة والمعجون قد يفوق في بعض الأحيان عود الأراك لأنك تستعمل الفرشاة والمعجون في وقت وجيز فيحصل به تنظيف للفم ما لا يحصل بعود الأراك في وقت كثير, وربما يكون استعمال الفرشاة والمعجون أبلغ في التنظيف من استعمال عود الأراك ولذلك نقول لمن أراد أن يستعمل الفرشاة في تنظيف فمه: ينبغي أن يستحضر النية في هذا وأن ينوي بذلك إصابة السنة حتى يثاب ويؤجر على ذلك لأن كثيراً من الناس يغفل عن هذه المسألة تجد أنه يستعمل الفرشاة والمعجون لكن يغيب عن باله مسألة استحضار نية أنه يستاك امتثالاً لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال -عليه الصلاة و السلام-: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) (والسواك مطهرة للفم مرضاة للرب) وإذا كان كذلك كان أمراً مندوباً إليه في كل وقت وإن كان يتأكد في بعض الأوقات وحينئذ يكون استعمال الفرشاة هو استعمال للسواك فمن يستعمل الفرشاة مع المعجون ينبغي أن يستحضر وأن ينوي بذلك إصابة السنة حتى يؤجر ويثاب على ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير