أما من جهة تأثير الفرشاة والمعجون على الصوم فالفرشاة فكما ذكرنا حكمها حكم السواك تماماً وقد قلنا: إن السواك مسنون للصائم قبل الزوال وبعد الزوال لكن محل البحث هو المعجون الذي يكون مع الفرشاة فنقول: إذا لم ينزل المعجون إلى المعدة فإنه لا بأس باستعماله للصائم. إذا لم ينزل المعدة يعني: كان يستعمل المعجون في فمه ثم يمج ذلك المستعمل بحيث لا يصل إلى معدته منه شيء فإنه لا يحصل به التفطير للصائم، ولكن ينبغي أن يعلم أن هناك بعض أنواع المعاجين لها نفوذ قوي وربما يصل منها شيء إلى المعدة من حيث لا يشعر الإنسان ولهذا نقول: إنه- من باب الأولوية فقط- ينبغي للصائم أن يجعل استعمال المعجون في الليل ولا يجعله في النهار احترازاً من تأثير ونفوذ بعض أنواع المعاجين وقد قال -عليه الصلاة والسلام- في حديث لقيط بن سبرة: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائم) فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المبالغة في الاستنشاق خشية أن يصل ماء الوضوء إلى المعدة عن طريق الاستنشاق.
فكذلك نقول هنا: إن بعض أنواع المعاجين لها نفوذ قوي وربما تصل إلى المعدة من حيث لا يشعر الإنسان ولهذا فينبغي من باب الأولوية أن يؤخر ذلك إلى الليل يعني يجعل استعمال المعجون في الليل لكن لو استعمله في النهار فإنه لا بأس في ذلك مادام أنه لم يتحقق من وصول المعجون إلى المعدة لكن أيضاً حتى لو استعمله في النهار ووصل المعجون إلى معدته بغير اختياره فإن صومه صحيح كما سيأتي أنه يشترط أن يكون عامداً مختاراً. إذن: هذا ما يتعلق بالسواك واستعمال الفرشاة والمعجون.
الأطياب: هل يجوز للصائم أن يستعمل الأطياب التي لها روائح نفاذة نقول: لا بأس أن يستعمل الصائم الطيب وإن كان له رائحة نفاذة لكن يستثنى من ذلك البخور فالبخور يجوز شمه ولكن استنشاق البخور ربما يؤثر على الصوم وذلك لأن البخور له دخان يتصاعد وله جرم يصل معه إلى الجوف ولذلك فإنه في قول كثير من العلماء إذا قصد استنشاقه يحصل به التفطير للصائم.
أما إذا لم يقصد استنشاقه فإنه لا يحصل به التفطير لكن إذا قصد استنشاقه فإنه يحصل به التفطير للصائم ومثل ذلك الدخان أيضاً التبغ فإنه لو شرب إنسان دخاناً فإنه يفطر به هكذا أيضاً البخور لا فرق بينهما إذا قصد الإنسان استنشاق هذا البخور فلهذا نقول: إنه ينبغي بل يتعين تجنب استنشاق البخور للصائم لأن له جرماً ويتصاعد إلى الجوف ويحصل به التفطير للصائم وبهذا أفتى بعض مشايخنا ومنهم الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله تعالى- ولهذا نقول: إنه ينبغي تجنيب الصائمين البخور لأن بعض الناس يسيء للصائمن من جهة أنه يأتي لهم ببخور ويعرض صومهم للإفساد لأنه ربما يأتي بعض الناس ويستنشق هذا البخور فيقع في هذا خاصة يوم الجمعة مثلاً فينبغي أن تجنب الجوامع مثل هذا البخور, وأما غيره من الأطياب فإنه لا بأس به.
الحقن:
أيضاً مما يكثر السؤال عنه استعمال الحقن وهذه الحقن إما أن تكون على شكل إبر وهذه الإبر إذا كانت مغذية فإنه يحصل بها التفطير للصائم لأنها تقوم مقام الأكل والشرب.
أما إذا كانت هذه الإبر غير مغذية وإنما تسعمل للتداوي فقط فالقول الصحيح أنه لا يحصل بها التفطير للصائم لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا في معنى الأكل والشرب.
الحقن الشرجية:
وأما بالنسبة للحقن الشرجية, الحقن التي توضع في الدبر فإن هذه الحقن محل خلاف بين العلماء هل يحصل بها التفطير للصائم أم لا؟ والقول الراجح أنه لا يحصل بها التفطير لأنها ليست أكلاً ولا شرباًَ ولا في معنى الأكل والشرب ولا تقوم مقام الأكل والشرب وإنما هي دواء يتداوى به عن طريق الدبر وهو ليس بمنفذ للأكل ولا للشرب والأصل صحة صيام الصائم إلا إذا وجد ما يقتضي إفساده بشيء واضح, فإذن: هذه الحقن والإبر كلها لا تفطر الصائم إلا إذا كانت الإبر مغذية.
الدم الذي يخرج عند قلع السن ما تأثيره على الصيام؟ ذكرنا في الدرس السابق مسألة خروج الدم وهل يفسد الصوم أم لا يفسد؟ فمن يلخص لنا ما قلناه في الدرس السابق, خروج الدم هل يفسد الصوم أم لا؟
إذا كان كثيراً كثيراً في معنى دم الحجامة فإنه يفسد الصوم وإذا كان قليلاً لا يفسد الصوم
¥