هذه المسألة.
أيضاً من المسائل التي نذكرها هنا ولها صلة بمسألة مفسدات الصيام حكم استعمال علاج الربو وعلاج الربو على قسمين:
القسم الأول: بخاخ من بخار أو غاز يجعله المصاب بالربو في فمه وهذا لا يحصل به التفطير للصائم هذا البخاخ الذي من بخار أو غاز يجعله في فمه لا يحصل به التفطير للصائم وذلك لأنه لا يصل إلى المعدة وإنما هو لتوسيع القصبات الهوائية فقط لتفتيحها ولأنه لا يعد أكلاً ولا شرباً ولا في معنى الأكل والشرب وإن كان قد يقول بعض الناس: إنه قد يصل أجزاء يسيرة جداً من هذا البخاخ إلى المعدة ونقول: حتى لو قدر وصول أجزاء يسيرة إلى المعدة من هذا العلاج فإن الصوم صحيح وذلك لأن المتوضئ أيضاً أثناء المضمضة تصل ملوحة الماء إلى فمه وقلنا: إن الصائم يجوز له بلع ريقه بالإجماع ومع هذا لم ينقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن هذا يفطر الصائم بل انعقد الإجماع على أنه لا يفطر الصائم مع أن ملوحة الماء تبقى في الفم بعد الوضوء فمثل هذا الشيء اليسير جداً لا أثر له.
فنقول إذن: البخاخ الذي يستعمل في علاج الربو العلاج لا يفسد الصوم حتى ولو قدر وصول أجزاء يسيرة جداً منه إلى المعدة على أنه إنما يصل للقصبات الهوائية لتوسيعها وتفتيحها ولكن يقول بعض الأطباء: إنه قد يصل أجزاء يسيرة جداً منه إلى المعدة فنقول: حتى على هذا التقدير فإن الصوم معه صحيح وبهذا أفتى مشايخنا سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين -رحمهما الله تعالى-.
القسم الثاني من علاج الربو: العلاج الذي يكون عن طريق كبسولات يستعملها المصاب بالربو وذلك بأن تجعل الكبسولة في الفم ويكون فيها شيء من الدقيق المشتمل على الدواء فتوضع في الفم فتنفجر في الفم ويتعالج بها المصاب بالربو فهذه لا شك أن هذا الدواء له جرم ويصل إلى المعدة وهذا يحصل به التفطير للصائم لأن هذه الكبسولات لها جرم ويختلط هذا الدواء مع الريق فيبلعه الصائم فيحصل به التفطير للصائم.
فإذن: يكون علاج الربو على هذين القسمين: قسم لا يحصل به التفطير وهو البخاخ المشتمل على الغاز أو البخار.
القسم الثاني: العلاج الذي يكون عن طريق الكبسولات التي تكون في الفم وتختلط بالريق فهذه يحصل بها التفطير للصائم ولهذا لابد من التفصيل عندما نتكلم عن علاج الربو ولا يجاب بجواب واحد ولكن لابد من التفصيل في هذا على هذا النحو هذا ما يتعلق بعلاج الربو.
مسألة ذوق الطعام للصائم:
أيضاً من المسائل التي تذكر هنا مسألة ذوق الطعام للصائم وهذه المسألة ربما يحتاج لها الطباخون وكذلك النساء في البيوت. فيحتاج إلى أن يذوق الطعام فنقول: إنه لا باس بذوق الطعام للصائم إذا كان لحاجة من غير كراهة, وقد روي ذلك عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أما إذا كان ذلك لغير حاجة فقد قال كثير من الفقهاء: إنه يكره ذوق الطعام بلا حاجة وذلك لأنه لا يأمن من أن يصل إلى حلقه فيكون بهذا قد عرض صومه للفساد فإذن نقول: ذوق الطعام إن كان لحاجة فإنه يجوز دون كراهة, أما إن كان لغير حاجة فإنه يكره فقط, غاية ما فيه أنه يكره في قول كثير من الفقهاء.
نعود بعد ذلك إلى عبارة المصنف -رحمه الله تعالى- لما ذكر مفسدات الصوم قيد ذلك بقوله: (عامداً ذاكراً لصومه) أفادنا المؤلف أنه لو وقع في شيء من المفسدات ناسياً أو جاهلاً فإن صومه صحيح ويدل لذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو حديث متفق على صحته: (من أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) فلو أن صائماً نسي خاصة يحصل هذا في أول يوم من رمضان شرب ناسياً أو أكل ناسياًَ بل حتى لو أفطر أو تغدى ناسياً فإن صومه صحيح (فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه).
وهكذا إذا وقع في شيء من المفطرات ناسياً حتى لو كان صومه صوم نافلة مثلاً نوى أن يصوم يوم الإثنين ثم إنه نسي أنه صائم مع أنه قد نوى ذلك وبيت النية فأفطر كعادته فنقول: يكمل صومه, صومه صحيح وهذا الأكل وهذا الشرب (إنما أطعمه الله وسقاه) ولكن لو رأيت صائماً يأكل ويشرب في نهار رمضان ناسياً فهل تنكر عليه أم تتركه وتقول: دعه ما دام أن الله أطعمه وسقاه, إذن: أتركه حتى يتم أكله؟ ماذا نقول؟
لا أتركه
¥