تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذن قلنا أن السنة أن يصوم ثلاثة أيام من الشهر وأن السنة أن يجعل هذا الصيام في أيام البيض وقد ذكر بن القيم -رحمه الله تعالى- وبعض أهل العلم أن الحكمة في اختيار هذه الأيام لماذا كانت السنة صيام هذه الأيام في منتصف الشهر الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر لماذا لم تكن في أول الشهر لماذا لم تكن في آخر الشهر استنتبط بعض العلماء وبن القيم -رحمهم الله تعالى- استنبطوا الحكمة من هذا قالوا لأن الدم يكون أكثر فوراننا في منتصف الشهر ولهذا نجد أن لهذا علاقة في مسألة المد والجزر وتأثير جاذبية القمر على الأرض وعلى البحار وعلى مسألة المد والجزر والمد والجزر هذا أمر معلوم فكذلك أيضا يكون له تأثير أيض على الإنسان فيكون الدم في هذه الفترة أكثر تهيجا وفورانا ولذلك شرع الصيام في هذه الفترة لتسكين هذا الهياج وهذا الفوران فيكون لذلك فائدة من الناحية الصحية والله تعالى أعلم.

قال (والاثنين والخميس) أي أنه يتأكد استحباب صيام هذين اليومين يومي الاثنين والخميس وذلك لحديث أسامة بن زيد (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم الاثنين والخميس فسئل عن ذلك فقال إن أعمال الناس تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) وهذا الحديث [أخرجه أبوا داوود والنسائي وهو حديث حسن].

وأيضا في الحديث الآخر (إن أعمال العباد تعرض يومي الاثنين والخميس فيغفر الله تعالى لكل عبد إلا من كان بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلح) فإذن في هذين اليومين يومي الاثنين والخميس تعرض الأعمال أعمال العباد على الله عز وجل ولذلك استحب صيامهما وكذلك أيضا ورد في صيام يوم الاثنين ما جاء في حديث أبي قتادة (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل عن صيام يوم الاثنين فقال يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه) [أخرجه مسلم في صحيحه].

فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ولد في ذلك اليوم يوم الاثنين كذلك أيضا كان نزول القرآن أول ما نزل في يوم الاثنين في ليلة القدر ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحرص على صيام هذا اليوم يوم الاثنين وكذا يوم الخميس.

ولكن إذا المفاضلة بين يومي الاثنين والخميس فالذي يظهر والله أعلم أن يوم الاثنين آكد من يوم الخميس وذلك لأنه ورد في يوم الاثنين ما لم يرد في يوم الخميس أن يوم الاثنين والخميس ورد فيها أنها يومان تعرض الأعمال فيهما على الله عز وجل لكن يوم الاثنين أيضا ورد فيه ما لم يرد في يوم الخميس من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر أن هذا اليوم يوم ولد فيه وأنزل عليه فيه فهذا يقتضي مزيد خصوصية ليوم الاثنين فيترجح على يوم الخميس ولذلك لو قال شخص أن أريد أن أصوم إما الاثنين أو الخميس أيهما أفضل فنقول يوم الاثنين أفضل من يوم الخميس.

ما دمنا اليوم في أيام الأسبوع صوم يوم الجمعة ورد في السنة النهي عن إفراده بالصوم كما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم) وهذا الحديث [أخرجه مسلم في صحيحه].

أيضا جاء في الصحيحن عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده) فنجد في هذه النصوص النهي عن إفراد يوم الجمعة وتخصيصه بالصوم وتخصيص يوم الجمع بالصوم لكن هذا النهي محمول على الكراهة أو محمول على التحريم؟ أقول ورد النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام هل هذا النهي يحمل على الكراهة أو على التحريم؟

يحمل على التحريم

اختلف العلماء في ذلك منهم من قال أنه يحمل على الكراهة وهو المشهور من مذهب الحنابلة وقول الجمهور ومنهم من قال إنه يحمل على التحريم وذلك أن الأصل في النهي أنه يقتضي التحريم وهذا القول هو الأقرب لأن الأصل في النهي هو أنه يقتضي التحريم ولا صارف يصرف هذا النهي من التحريم إلى الكراهة.

ولهذا فالأقرب والله أعلم هو تحريم إفراد يوم الجمعة بالصوم على وجه التخصيص أما إذا لم يكن على وجه التخصيص فإنه لا يدخل في هذا لكن يخص يوم الجمعة طلبا لفضله فهذا هو الذي قد ورد النهي عنه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير