ثم قال المصنف -رحمه الله تعالى- (والصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر) وهذا يصلح أن يكون قاعدة الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر مادام أنه متطوع فالأمر إليه إن أراد أن يتم صومه فله ذلك إن أراد أن يقطعه فله ذلك فهو أمير نفسه.
وأفادنا المؤلف بهذا أن المتطوع يجوز له أن يقطع صومه من غير كراهة قد دل على ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها يوما وهو صائم فقال هل عندكم شيء قالت نعم فأفطر -عليه الصلاة والسلام-) فدل ذلك على أن من صام صوم التطوع فيجوز له أن يفطر (لكون النبي -صلى الله عليه وسلم- لما دخل على إحدى زوجاته وقيل له أهدي لنا حيث فأفطر -عليه الصلاة والسلام- وقال قد كنت أو قد أصبحت صائما أرنيه فلقد أصبحت صائما فأكل) وهذا دليل صريح الدلالة في أنه -عليه الصلاة والسلام- قطع صيام النافلة فدل ذلك على أنه لا بأس بقطع صوم النافلة، فالصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر.
كما أن صوم التطوع يجوز أن ينشيء فيه النية من النهار ولا يجب تبييت النية فيه من الليل فالتطوع بابه واسع ليس كصيام الفريضة صيام الفريضة يجب تبييت النية فيه من الليل ولا يجوز قطعه حتى وإن كان قضاء واجبا بل حتى إن كان على سبيل القضاء أما صوم التطوع فبابه واسع يجوز إنشاء النية فيه من النهار بشرط ألا يكون قد أكل أو شرب قبل ذلك وكذلك أيضا يجوز قطعه.
قال -رحمه الله تعالى- (وكذلك سائر التطوع إلا الحج والعمرة فإنه يجب إتمامهما) هذا استطراد من المصنف -رحمه الله تعالى- يقول وكذلك سائر التطوع أي يجوز قطعها وسائر أنواع التطوع إلا أن بعض أهل العلم قالوا إنه يكره قطع التطوع يعني صلاة التكوع من غير حاجة لقول الله تعالى ? وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ?33?? [محمد: 33]، لكن من حيث الجواز يجوز فيجوز إذن قطع صيام التطوع ويجوز قطع صلاة التطوع وهكذا سائر التطوعات إلا الحج والعمرة فإن الحج والعرمة يلزمان بالشروع فيهما، ما الدليل على أن الحج والعمرة يلزمان بالشروع فيهما؟
? وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ ? [البقرة: 169]،
أحسنت ? وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ ? هذه الآية دليل ظاهر على وجوب إتمام الحج والعمرة بعد الشروع فيها وهذا مما يختص به الحج والعمرة ولهذا لو أن شخصا مثلا ذهب ليعتمر فوجد زحاما أحرم بالعمرة ثم وجد زحاما وقال إذن أرجع إلى بلدي وأعتمر فيما بعد هل له ذلك ليس له ذلك ما دام أنه قد شرع في العمرة وكذا الحج فيلزمه إتمامه والإحرام لا يرتفض برفضه مادام أنه قد أحرم يلزمه الإتمام ولا يرتفض الإحرام برفضه.
ثم قال -رحمه الله تعالى- (وقضاء ما أفسد منهما) يعني يجب الإتمام ويجب هذا استطراد أيضا من المؤلف يجب قضاء ما أفسد منهما أي من الحج أو العمرة ويأتي إن شاء الله تعالى بيان ذلك وتفاصيله في باب الحج والعمرة.
قال: (ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يومين يوم الفطر ويوم الأضحى) والنهي ثابت في الصحيحين وقد أجمع العلماء على ذلك فيحرم الصيام في يوم عيد الفطر وفي يوم عيد الأضحى ونهى عن صوم أيام التشريق إلا أنه رخص في صومها للمتمع إذا لم يجد الهدي أيام التشريق هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة هذه تسمى أيام التشريق هذه أيضا يحرم صومها إلا في حالة واحدة وهي في حق من لم يجد الهدي فإن من لم يجد الهدي ما الواجب عليه إذا تمتع إنسان بالعمرة إلى الحج يعني كان اختار نسك التمتع فالواجب عليه أن يذبح هديا فإن لم يجد الهدي أو لم يستطع تحصيل قيمة الهدي فما الواجب عليه؟
صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع
صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع صيام ثلاثة أيام في الحج هذه يصح أن تكون في أيام التشريق يجوز أن يجعلها في أيام التشريق ويدل لذلك حديث عائشة وبن عمر (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي) [أخرجه البخاري في صحيحه].
¥