تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمن أهل العلم من قال: إنها تتنقل قالوا: لأنه لا يمكن الجمع بين الأحاديث الواردة فيها إلا بهذا القول, فإنه قد جاء في حديث أبي سعيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إني رأيت أني أسجد في صبيحتها في ماء وطين) فلما كانت صبيحة إحدى وعشرين قال: (قد رأيت أثر الماء والطين على جبهته -عليه الصلاة والسلام-) وهذا الحديث [أخرجه البخاري ومسلم] وجاء في حديث عبد الله بن أنيس (أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأثر الماء والطين على جبهته صبيحة ثلاثة وعشرين] وهذا أيضاً في صحيح مسلم وجاءت أيضاً بعض الأحاديث تدل على أنها ليلة سبع وعشرين وقال أصحاب هذا القول: إنه لا يمكن الجمع بين هذه الأحاديث إلا بالقول بأنها تتنقل.

والقول الثاني: في المسألة أن ليلة القدر ثابتة ولا تتنقل وذلك لأن الله- تعالى- أخبر بأنه قد أنزل فيها قرآناً يعني: أنه على القول الذي رجحناه كان ابتداء نزول القرآن في هذه الليلة وهذا لا يكون إلا في ليلة واحدة ولأن هذه الليلة إنما كانت ليلة شريفة اختصها الله -عز وجل- بهذا الفضل لنزول القرآن فيها ولذلك قال- سبحانه-: ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ? وقال: ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ? والقول بأنها تتنقل ينافي هذا المعنى.

قالوا: ومما يدل لذلك (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج ليخبر أصحابه بها فتلاحى فلان وفلان فرفعت فنسيها النبي -صلى الله عليه وسلم) رفع علم تحديدها فنسيها النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: ولو كانت تتنقل لكان النبي -صلى الله عليه وسلم- لمَّا نسيها في تلك السنة أخبر بها في السنة الأخرى فدل ذلك على أنها ثابتة وهذا القول الأخير كما ترون أرجح.

فيكون القول الراجح هو أن ليلة القدر ثابتة لا تتنقل, ولكن قد أخفى الله- تعالى- علمها, وقد يطلع بعض العباد على بعض أماراتها ولهذا كان بعض الصحابة يجزمون بأن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين وكان منهم: أُبَيُّ بن كعب -رضي الله تعالى عنه- كما في صحيح مسلم كان يقول: (والله الذي لا إله غيره إني لأعلم أي ليلة هي ليلة القدر: هي الليلة التي أمرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بقيامها وهي ليلة سبع وعشرين) وجاء في رواية أخرى عنه أنه قال: (ولقد راقبت صبيحتها عشرين سنة فوجدت الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها) وذلك أن من أبرز علامات ليلة القدر أن صبيحتها تطلع الشمس لا شعاع لها ومراقبة أبي بن كعب هي مراقبة الخبير لا مراقبة بعض الناس الذين يراقبون الشمس وتظهر لهم بعض التهيئات النفسية فيقول: طلعت الشمس بعد هذه الليلة لا شعاع لها وأذكر ممن حدثني في سنة من السنوات مجموعة من طلاب العلم قالوا: إنا رأينا الشمس صبيحة تسع وعشرين لا شعاع لها وبعد قليل أتى أناس آخرون وقالوا: إنا رأينا الشمس صبيحة سبع وعشرين لا شعاع لها, فهذا أحياناً تكون عند بعض الناس تهيئات نفسية يرى أن الشمس قد طلعت صبيحة هذ اليوم لا شعاع لها لكن أبي بن كعب راقبها مراقبة الإنسان العارف الخبير فرأى أنها طلعت نحواً من عشرين سنة طلعت الشمس صبيحة سبع وعشرين لا شعاع لها.

أيضاً ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- كان يرى أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين واستدل على ذلك بدليلين وهذه من لطائف التفسير وهي مروية عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وموجودة في بعض كتب التفسير لكنها تعتبر من اللطائف:

الأمر الأول: ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ? هذه السورة عدد كلماتها ثلاثون كلمة لو حسبت كلمات هذه السورة ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ? فإنك تجد أن عدد كلماتها ثلاثون كلمة, الكلمة رقم سبع وعشرين سَلامٌ ? سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ? فكأن فيها إشارة -والله أعلم- إلى أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين.

الأمر الثاني: قالوا: إن ليلة القدر تكررت في هذه السورة ثلاث مرات ? إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ? واحدة ? وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ?2?? اثنتان ? لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ? ثلاثة, قالوا: وعدد حروف ليلة القدر تسعة حروف, فإذا ضربت تسعة في ثلاثة كان الناتج سبعاً وعشرين فهذه بعض اللطائف التي ذكرها بعض المفسرين في هذا- والله تعالى أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير