تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: (ويستحب للمعتكف الاشتغال بفعل القرب واجتناب ما لا يعنيه من قول أو فعل) يستحب للمعتكف الاشتغال بفعل القرب، الغرض من اعتكاف المعتكف هو التفرغ للعبادة والتقرب إلى الله -عز وجل- بأنواع القرب من الصلاة وتلاوة القرآن ومن الذكر ونحو ذلك والدعاء فلذلك ينبغي أن يشتغل بفعل القرب وفعل الطاعات لا أن يجعل وقت اعتكافه وقتاً للأحاديث الجانبية مع الناس فإن من الناس من إذا ما اعتكفوا أمضوا جُلَّ وقتهم في أحاديث وفي سواليف وفي أمور بالإمكان تأجيلها إلى وقت آخر وهذا وإن كان جائزاً من حيث الأصل إلا أنه ينبغي ألا يكثر منه المعتكف وإلا (فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- زارته صفية فبقي معها ساعة يتحدث ثم لما قامت ذهب يشيعها -عليه الصلاة والسلام) [الحديث في الصحيح].

فدل ذلك على أنه لا بأس أن يتكلم المعتكف في أمور الدنيا بكلام مباح ولكن ينبغي ألا يكثر من ذلك وأن يشتغل بفعل القرب والطاعات من الدعاء, من تلاوة القرآن, من الصلاة لأن هذا هو الغرض من اعتكافه. أقول هذا لأن بعض المعتكفين ربما جعل جُلَّ وقته للأحاديث الجانبية والقيل والقال وربما وقع في كلام محرم.

ولهذا قال المصنف: (واجتناب ما لا يعنيه من قول وفعل) يعني: ينبغي أيضاً أن يجتنب ما لا يعنيه, يعني: لا يتكلم إلا فيما يعنيه (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) يجتنب ما لا يعنيه من قول أو فعل لأنه إنما أراد بهذا الاعتكاف التفرغ للعبادة ولذلك ينبغي أيضاً أن يجعل هذا الوقت للتقرب وللعبادة ولا بأس أن يتحدث بكلام مباح فيما يعنيه وأن يجتنب ما لا يعنيه من قول أو فعل.

قال: (ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك) يعني: حتى لو وقع في فعل محرم أو قول محرم فإنه لا يبطل اعتكافه إلا الجماع, لو جامع أهله بطل اعتكافه لقول الله -عز وجل-: ? وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ? [البقرة: 187] لكن لنفترض أنه في معتكفه زاره أحد الناس ووقع هذا المعتكف في غيبة هل يبطل اعتكافه؟ لا يبطل, اعتكافه صحيح ولكن هذا لا شك أنه يؤثر في نقصان أجره ولهذا فإن على المعتكف أن يشتغل بالعبادة ويجتنب ما لا يعنيه من قول وفعل.

قال: (ولا يخرج من المسجد إلا لما لابد له منه) وذلك لقول عائشة -رضي الله عنها-: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة) وهذا لفظ البخاري ولفظ مسلم (لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان) وهذه الحاجة اتفق العلماء أن الأكل والشرب يدخل في الحاجات فلو كان في المسجد معتكفاً ولم يجد من يأتيه بالأكل والشرب فإنه لا بأس أن يخرج ويأتي بأكله وشربه إما من البيت أو من مطعم قريب أو نحو ذلك لا بأس أن يأتي بأكل وشرب وكذلك أيضاً إذا احتاج إلى قضاء الحاجة ولم يكن قريباً من المسجد دورة مياه لا بأس أن يذهب إلى بيته لقضاء حاجته فكل ما يحتاج إليه الإنسان من الأمور الطارئة من أكل أو شرب أو قضاء حاجة أو نحو ذلك فإنه لا بأس بخروج المعتكف لتلك الحوائج.

قال: (إلا أن يشترط) يعني: لا يخرج من المسجد إلا لحاجة إلا أن يشترط فإذا اشترط جاز له الخروج ولو لغير حاجة لكن ذكر الفقهاء أن الاشتراط إنما يكون في عيادة المريض وفي تشييع الجنازة وفي زيارة أهله وفي نحو ذلك من الأمور, ولكن القول بالاشتراط لا نجد عليه دليلاً من السنة بل ولا يوجد آثار عن الصحابة تدل على صحة الاشتراط في الاعتكاف ولكن قال به جمع من الفقهاء من فقهاء الحنابلة قياساً على الاشتراط في الحج فإن الاشتراط في الحج سائغ والأصل فيه حديث ضباعة بنت الزبير (لما أرادت أن تحرم وهي شاكية) يعني: مريضة فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: (حجي واشترطي فإن لك على ربك ما استثنيتِ) وقالوا: يقاس الاشتراط في الاعتكاف على الاشتراط في الحج.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير