تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولهذا ينبغي أن يبدأ أولاً بما يتعلق بالشهادتين، ثم بالصلاة، ثم بالزكاة، ثم بالصيام، ثم بالحج، ولكن ما يتعلق بالشهادتين هو فن مستقل بعلوم الشريعة، وهو فن التوحيد والاعتقاد، ولكونه فناً مستقلاً أفرد بمؤلفات خاصة تبينه، تبين ما يتعلق به، فلهذا لم توجد مباحث العقيدة، أو مباحث التوحيد في مؤلفات الفقه؛ لأن مؤلفات الفقه خاصة بالأحكام العملية، وما يتعلق بأحكام الاعتقاد أو بالتوحيد وما ينافيه من الشرك، هذا له مؤلفات خاصة تبحث فيها هذه الأمور، فإذًا ما يتعلق بالركن الأول من أركان الإسلام له مؤلفات خاصة.

ننتقل إلى الركن الثاني وهو الصلاة، لماذا لم نبدأ بالصلاة؟ قال: هناك أمور تشترط للصلاة وتسبقها وهي الطهارة؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث، حتى يتوضأ) وهكذا من الأدلة -غير هذا الحديث- التي تدل على أن الطهارة من الأحداث والأنجاس شرط لصحة الصلاة.

إذاًَ لابد أن يبدأ بالطهارة، الطهارة بماذا تكون؟ تكون بالماء، ولهذا يبدءون بباب المياه.

ثم المياه لابد لها من أواني توضع فيها؛ لأنها سائلة، فيعقبون على ذلك بباب الأواني، وهكذا على حسب ما يأتي بيانه -إن شاء الله تعالى- إن تمكنا منه اليوم وإلا ففي دروس قادمة.

عندي الآن كلام في الطهارة قبل أن ننتقل إلى هذا.

لكون موضوعنا في الطهارة، لابد أن نأخذ تمهيداً أو مقدمة يسيرة عن الطهارة، الطهارة في الإسلام نوعان:

طهارة معنوية.

وطهارة حسية.

الطهارة المعنوية تعني طهارة القلوب من النفاق، والشرك، والاعتقادات الباطلة الفاسدة، وكذا تطهير القلوب من أمراضها كالحقد، والحسد، والبغضاء، والشحناء، وغير ذلك.

أيضاً يدخل في الطهارة طهارة الجوارح من الذنوب والآثام والمعاصي؛ ولهذا جاء في بعض الأحاديث أن الوضوء يطهر الأعضاء، وكذلك الأعمال الصالحة تطهر وتذهب السيئات، فهذه طهارة معنوية.

أما الطهارة الحسية، وهي موضوعنا وهي التي يذكرها الفقهاء في كتبهم، فهي التي يسبقها أو تشتمل على فعل تطهير، الطهارة من الأحداث، والطهارة من النجاسات.

الطهارة من الأحداث تطهيرها بالوضوء بالنسبة للحدث الأصغر، وبالغسل بالنسبة للحدث الأكبر، تطهير النجاسات بتنقيتها، تنقية ما طرأت عليه النجاسة بوسائل التطهير المختلفة: بالماء، أو بغيره كما سيأتي.

ومن هنا نلاحظ أن الإسلام اهتم بالطهارة اهتماماً كاملاً، جعلها شرطاً لصحة الصلاة، بالوضوء من الحدث الأصغر، وبالغسل من الحدث الأكبر، حث على الاغتسال للعبادات التي يجتمع لها: كالاغتسال للجمعة، والعيدين وغيرهما.

أيضاً من اهتمام الإسلام بالطهارة أنه حث على خصال الفطرة، ومن ذلك السواك، ونظافة الفم، وغير ذلك.

حث أيضاً على نظافة البيئة ولا سيما الطرق إن الله - سبحانه وتعالى – يجب المتطهرين كما يحب التوابين، وهذا أيضاً من قيمة ومكانة الطهارة في الإسلام.

ما الطهارة؟

الطهارة في اللغة: تعني النظافة والنزاهة من الأقذار والأدناس والأوساخ.

مصدر: طهر، يطهر، طهارة.

أما تعريفها الفقهي أو الشرعي: فهي ارتفاع الحدث وزوال الخبث أي النجاسة.

ما الحدث الذي يراد رفعه بهذه الطهارة؟ هو وصف معنوي يكون بالبدن، إذا وجد سببه، يمنع الصلاة حال وجوده.

مثلاً إنسان خرج منه بول أو الغائط، هذا نقول إنه محدث متصف بالحدث، لا يجوز له أن يصلى وهو على هذه الحالة، حتى يرفع هذا الحدث بالوضوء، والحدث الذي يحصل بالبول أو بالنوم أو بالغائط أو ما أشبه ذلك، هذا حدث أصغر يرفعه الوضوء، لو أن إنساناً حصل منه جنابة فقد اتصف بحدث أكبر، ويرفع هذا الحدث الطهارة بالغسل تعميم البدن كله بالماء.

نخلص من هذا إلى أن معنى الطهارة ارتفاع الحدث، يعني أن يحصل من الإنسان فعل يرفع هذا الحدث، وهذا الفعل هو الوضوء أو الغسل على حسب نوع الحدث، ارتفاع الحدث وزوال الخبث، زوال النجاسة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير