زوال النجاسة: أي تنقيتها، زوالها من المكان الذي طرأت عليه، فإذا تعرض الثوب –مثلا- لنجاسة، أو طرأ عليه نجاسة من بول أو من غيره، فتطهيره بتنقيته من هذه النجاسة حتى يذهب أثر النجاسة، عين النجاسة وأثرها، فإذا ما حصل رفع للحدث بالتطهير بالوضوء أو بالغسل وإذا ما حصل تنقية للنجاسة مما طرأت عليه فحينئذ نقول تمت الطهارة، أو وجدت الطهارة، أو اتصف هذا الشخص -الذي كان محدثاً- بأنه طاهر أو متطهر، وإذا نُقي المكان الذي طرأت عليه النجاسة سواء بالماء، أو بغيره من المنقيات، فحينئذ نقول: هذا المكان، أو هذا الثوب، أو هذا الشيء طهر أصبح طاهراً من النجاسة.
إذاً تعريف الطهارة: هي تعريف الحدث، وزوال النجاسة.
التعبير بارتفاع أولى من رفع، لاحظ، بعض الفقهاء يقولون: رفع الحدث، وزوال الخبث. يقول بعضهم: إن التعبير بارتفاع أولى من التعبير برفع لماذا؟
قال: لأن الرفع هو الفعل هو التطهير، يعني الوضوء نفسه هذا عملية رفع للحدث، إذا تم الوضوء تمت الطهارة؛ ولهذا الطهارة هي الارتفاع الناشئ عن الرفع.
فالطهارة: هي ما ينشأ عن التطهير.
الحدث -كما قلت- نوعان: أصغر، وأكبر.
النجاسة نوعان: نجاسة عينية هذه لا تزال، النجاسة العينية أي الذاتية التي هي نجاسة مثل البول ذاته، أو مثل الغائط ذاته، أو مثل الدم المسفوح، أو مثل الكلب، أو الخنزير، هذه أعيان نجسة لا تطهر، إنما الذي يَرِدُ عليه التطهير من النجاسة، هو محل طاهر في الأصل، ولكن طرأ عليه نجاسة.
ما الذي يجب التطهر له؟ الذي يجب التطهر له الصلاة، والطواف، ومس المصحف، الذي يجب التطهر منه الحدث الأصغر، والحدث الأكبر، الأصغر بالوضوء كما سبق، والأكبر بالغسل. الذي يجب التطهر به هو الماء، ولا تحصل الطهارة من الحدث إلا بالماء.
أما الطهارة من النجاسة فلا يشترط لها الماء على الصحيح، كل وسيلة تمت تنقية النجاسة وإزالتها، وإزالة أثرها، فإنها تتم الطهارة بذلك.
الطهارة في الأصل تتم بالماء، هذا هو الأصل، ولكن إذا عدم الماء ينوب عن الماء بالنسبة للطهارة من الأحداث التيمم.
أبواب الطهارة: المياه أولاً باعتبارها هي الوسيلة الأساسية في الطهارة، ثم الآنية؛ لأن الماء لابد أن يوضع في أواني: ثم الاستنجاء والاستجمار؛ لأنه يسبق الوضوء، فهو شرط من شروط الوضوء، ثم الكلام عن الوضوء، والمسح على الحوائل باعتبار أنه قد يلجأ ويحتاج إلى المسح على الحوائل، إذا كان مثلاً لابساً خفين، ثم نواقض الوضوء؛ لأن الوضوء يتعرض لناقضاً من النواقض، ثم الغسل في حالة وجود الحدث الأكبر، التيمم عند فقد الماء، وأخيراً ما يتعرض له النساء وهو الحيض والنفاس وما يتعلق بهما.
هذه هي الأبواب التي تبحث في كتاب الطهارة.
بعد هذا ننتقل إلى المياه قال المؤلف –رحمه الله كما سمعتم قبل قليل (خلق الماء طهوراً، يطهر من الأحداث والنجاسات، ولا تحصل الطهارة بمائع غيره)
الفقهاء -رحمهم الله تعالى- لهم طريقتان في تقسيم المياه:
الطريقة الأولى: تقسيم المياه إلى ثلاثة أقسام:
- طهور.
- وطاهر.
- ونجس.
والطريقة الثانية: تقسيم المياه إلى نوعين فقط أو قسمين فقط:
- طاهر.
- ونجس.
ويقول: إنه لا وجود لقسم ثالث، وممن تزعم هذا الرأي الأخير شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله تعالى-.
على كل حال، الناظر في هذا التقسيم، والناظر في واقع كلام الفقهاء -رحمهم الله تعالى- حول هذه المياه، يجد أن هناك ملحظ لاحظه الفقهاء-الذين قسموا الماء إلى ثلاثة أقسام- جعلهم يقسمون المياه إلى ثلاثة أقسام، وهناك ملحظ لاحظه شيخ الإسلام ومن وافقه جعله يقسم المياه إلى قسمين.
الفقهاء -رحمهم الله تعالى- الذين قسموا الماء إلى ثلاثة أقسام نظروا إلى أن هذا الماء الذي معنا، هل هو طاهر ومطهر؟ أو أنه طاهر فقط، ولا يمكن التطهر به؟
نعم، طاهر في نفسه، ولا يمكن التطهر به، أو أنه نجس؟
لما ننظر فيما ذكروه في قسم الطاهر، نجد أنهم ذكروا أنواعاً هي في حقيقتها ليست ماء، كما سيأتي في الكلام عن قسم الطاهر، ولهذا لا مشاحة، سواء قلنا إن الماء ثلاثة أقسام: طهور، وطاهر، ونجس، أو قلنا: إنه طاهر، ونجس، على كل حال سنبدأ بهذه الأقسام الموجودة معنا التى ذكرها المؤلف، وننظر فيها.
¥