تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النوع الأول: هو الطهور، وهو الماء المطلق الذي لم يقيد بوصف، الماء المطلق الباقي على خلقته التي خلق عليها، ويشمل ماء البحار، والأنهار، والآبار، والعيون وغير ذلك.

فهذا الماء المطلق الباقي على أصله، وعلى خلقته التي خلقه الله - تبارك وتعالى – عليها يعتبر طهوراً، يرفع الأحداث، وتزال به النجاسات، وهذا لا خلاف فيه أنه طاهر في نفسه، ومطهر لغيره، يرفع الأحداث ويزيل الأنجاس.

وقد دلت على ذلك أدلة كثيرة منها قول الله - تبارك وتعالى – ? وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً ? [الفرقان: 48].

وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم – في ماء البحر (هو الطهور ماؤه، الحل ميتته) وقوله - صلى الله عليه وسلم – (اللهم اطهرني بالماء، والثلج، والبرد).

وتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم – من الآبار، وغير ذلك.

فحكم هذا الماء أنه طاهر في نفسه -كما سبق- مطهر لغيره، يرفع الأحداث، ويزيل الأنجاس، إلا أن هذا الماء قد يرد عليه شيء.

يعني معنى الكلام الذي قلته هو معنى قول المؤلف هنا خلق الماء طهوراًَ، الماء الباقي على خلقته طهور، يطهر من الأحداث، يعني بالوضوء، والغسل، ويطهر أيضاً من النجاسات التى تطرأ أيضاً على المحل النجس.

قال: (ولا تحصل الطهارة بمائع غيره) أما بالنسبة للحدث، فهذا لا إشكال فيه لا يرفع الحدث، يعني لا يتوضأ، ولا يغتسل عن الجنابة إلا بالماء، ولا يرفع الحدث غير الماء من السوائل الأخرى، وهذا لا خلاف فيه.

وأما النجاسات، فالمسألة فيها كلام لأهل العلم، بعضهم يقول: حتى النجاسات لا يطهرها إلا الماء، بينما البعض الآخر يقول: لا، المقصود بالتطهير من النجاسات، أو بالطهارة من النجاسات تنقية المحل منها، فلا يشترط الماء، بأي وسيلة حصلت التنقية، بأي وسيلة حصل النقاء التام فإنها تحصل الطهارة من النجاسات، وهذا هو الأولى هو الأرجح.

قال: (فإذا بلغ الماء قلتين، أو كان جارياً لم ينجسه شيء) معنى كلام المؤلف، الماء عند الفقهاء أو بعض الفقهاء لا يخلو أما يكون قليلاً، أو كثيراً، ما حد القليل؟ وما حد الكثير؟ قالوا: حد القليل ما كان أقل من قلتين، وما كان فوق قلتين فهو كثير.

ما حكم الماء القليل؟ وما حكم الماء الكثير؟

قالوا: الماء القليل الذي أقل من قلتين هذا ينجُس ولو لم يتغير بالنجاسة، والماء الكثير الذي هو قلتان فأكثر هذا لا ينجس إلا بالتغير بالنجاسة، إما أن يتغير لونه أو طعمه أو ريحه بها، فإذا تغير بالنجاسة حكمنا بأنه نجس، وإذا لم يتغير بالنجاسة لا بلون، ولا بطعم، ولا بريح، فإنه يعتبر طهوراً.

ما قدر القلتين؟ قدر القلتين قالوا خمس قرب تقريباً، ولكن لما أراد المعاصرون أن يحددوا هذه الكمية بالواحدات المعاصرة قالوا: تقدر القلتان بما يقارب مائتي كيلو جرام، أو بما يقارب مائتين وسبعين لتر من الماء.

على كل حال هذا منهج ورأي لكثير من أهل العلم، كثير من الفقهاء، أن التفريق بين القلتين فأكثر وما هو دون القلتين، ولكن الرأي الذي يرجحه المحققون من أهل العلم: أنه لا فرق بين القليل والكثير، الماء لا ينجُس إلا إذا تغير بالنجاسة، بطعم أو بلون أو بريح، إذا تغير بها فيعتبر نجساً، وإذا لم يتغير بها يعتبر طهوراً، فكلام المؤلف بناء على منهج كثير من الفقهاء في التفريق بين ما دون القلتين وما هو أكثر؛ ولهذا قال: (فإذا بلغ الماء القلتين، أو كان جارياً لم ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه)

إذا تغير طعم الماء، أو لونه، أو ريحه بالنجاسة، فهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم أنه يعتبر نجساً، وما سوى ذلك ينجس بمخالطة النجاسة، فما دون القلتين ينجس بمجرد مخالطة النجاسة، ولو لم يتغير بالنجاسة وهذا بناء على المذهب الحنبلي، ومن يوافقه من المذاهب في هذا.

ثم قال: (والقلتان ما قارب مائة وثمانية أرطال بالدمشقي) وبينت لكم أن هذا وحدات قديمة على عهد المؤلف -رحمه الله تعالى- إنما الآن هي تقدر بما ذكرت قبل قليل.

قبل أن ننتقل إلى الطاهر، نريد أن نفتح المجال لكم إذا كان هناك سؤال بما يتعلق بالطهور أو لا.

أحسن الله إليكم يا شيخ: كيف نجمع بين حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – (إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء) وحديث (إن الماء طهور لا ينجسه شيء)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير