تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

5 - إن العمل بالتقويم الحسابي هو الملائم والمناسب لتدبير شؤون الدولة المسلمة المعاصرة، إذا كنا لا نريد اعتماد التقويم الشمسي، ونعتبر التقويم القمري مكونا من مكنات الثقافة الإسلامية، وعنصرا من عناصر هويتنا، فلا يمكن لهذه الدولة أن تحدد تواريخ إلتزامتها وعقودها ومواعيدها وبرامجها المستقبلية، والتي تضبط في عصرنا بالدقيقة والثانية اعتمادا على تقويم غير منضبط، لا يمكن ضبطه مقدما لأننا بحاجة إلى انتظار نهاية كل شهر لنعلم إن كان تسعا وعشرين أو ثلاثين، مما يضطر الدولة إن لم تعتمد على الحساب إلى الالتجاء إلى التقويم الشمسي لانضباطه وفعاليته أو وضع تقويم حسابي يعتمد إداريا وفي نفس الوقت اعتماد الرؤية لضبط أوقات العبادة، كما هو معمول في دولة آل سعود، وهذا يسبب بللا وتشويشا الدولة المسلمة في غنى عنه، فلم يبق إلا اعتماد التقويم الحسابي المنضبط.

6 - إن العمل بالتقويم الحسابي يسهل مهمة المؤرخين، في ضبط الأيام والأحداث بالساعة واليوم والسنة بدقة بالغة، وهذا ما لا يتأتى مع التقويم المعتمد على الرؤية، فإن لو أردنا أن مثلا أن نعرف اليوم الذي وافق الثالث والعشرين من شهر شنبر في السنة السابعة والستين من القرن السابع العشر الميلادي، فإننا لن نجد أي عناء في معرفة اليوم الذي صادف هذا التاريخ، وهو يوم الجمعة، وهذا له أهمية عند المؤرخين، إذ يساعده ذلك في تدقيق تاريخه، وفي حل بعض الإشكالات التاريخية التي تعترضه، وكذلك الأمر فيما استقبل من الأيام، فلو أردنا مثلا أن نعرف اليوم الذي سيوافق السابع عشر من مايو عام سبع وتسعين وخمسمائة من القرن الحادي والعشرين فإننا بإطلالة بسيطة على التقاويم الموجودة في كثير من الأجهزة الإلكترونية سنجد أنه يوافق يوم الأربعاء.وهذه الدقة غير متيسرة في التقويم القمري، فلو أننا مثلا لم يتيسر لنا في حدث معين معرفة يومه، وليس معنا إلا تاريخ اليوم وسنته، فلن نتمكن من معرفة لذلك اليوم لحاجتنا إلى معرفة كل الشهور من شهرنا الحاضر إلى وقت الحدث هل أتمت الثلاثين أم لم تتمها، وهذا أمر مستحيل، وكذلك لا نستطيع أن نعرف اليوم الذي سيوافق أي تاريخ مستقبل لأننا لا نعلم الشهور القادمة هل ستتم الثلاثين أو لا تتمها. فيجب الاعتراف بأن التقويم القمري المعتمد على الرؤية غير دقيق وغير منضبط وأن العمل بالحساب هو الطريقة الوحيدة لحل هذا الإشكال.

7 - أن الاعتماد على الحساب في تحديد التقويم الزمني سوف يحل الإشكال المتعلق بدخول رمضان وتفرق المسلمين في صومهم وإفطارهم، ذلك أن الحساب لا يعطينا إلا يوما واحدا تحدده الجنة الفلكية المكلفة بالأمر وبهذا ننهي الجدالات والنقاشات التي تطفوا كلما اقترب شهر رمضان، وما يتلو ذلك من تفرق المسلمين بين صائم ومفطر حسب البلدان، بل في البلد الواحد يفترق الناس بين صائم يقول بتوحيد الصيام، ومفطر يقول لكل أهل بلد مطلعهم، بل في البيت الواحد، تفترق العائلة بين صائم ومفطر، وينعكس هذا بشكل أفظع على يوم العيد،فالذي وحد الصيام يأكل والناس ممسكون ولا يستطع أن يظهر فرحته بالعيد ولا أن يعيش مراسيم العيد، ولا يحضر الصلاة مع جمع المسلمين، وبعض الناس يجتمعون في بعض البيوت ليصلوا صلاة عيدهم في منأى عن أعين السلطة، وعددهم لا يتجاوز بضع عشرات على الأكثر، وبعضهم يكتفي بصلاة عيده منفردا في بيته أو مع أهله وأبنائه في أحسن الأحوال، فهل هذا هو المقصود بصلاة العيد؟ حيث يخرج الناس جميعا إلى مصلى فسيح، ليعقدوا اجتماعا عاما، وقد لبسوا أحسن ثيابهم، وليهني بعضهم بعضا ويبارك بعضهم لبعضا في جو بهيج يحضره النساء والأطفال، ويخرج الناس قبل الصلاة في الأزقة والشوارع مكبرين ومهللين، ويعودون من غبر طريق ذهابهم فرحين مسرورين، هذا هو العيد، وهذا هو المقصود من تشريعه، فهذه الخلافات والحدود السياسية أفقدت هذا العيد بهجته عند كثير من الناس، فإذا كنت ممن يرى وجوب توحد المسلمين في صيامهم، فيوم العيد عندك يصومه الناس، وهم بالمقابل يرونك مفطرا شاذا غريبا، مما يخلق جوا مستفزا داخل البيت الواحد،وقل مثل ذلك في عيد الأضحى فإن كان كثير من الموحدين يؤخرون ذبح أضحيتهم يوم ذبح أبناء بلدهم، لأن الشارع قد أنقدهم من هذا الحرج حين أباح تأخير

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير