تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الذبح إلى آخر أيام التشريق، فإن البعض يصر على ذبح أضحيته اليوم الذي يذبح فيه المسلمون في الأقطار الأخرى وهكذا تسيل الدماء وتفوح رائحة الشواء، ويلهو الأطفال، وعموم الناس منهم من لم يشتر أضحيته بعد.

فهذه المشاكل وغيرها سنتفاداها إذا اعتمدنا التقويم الحسابي المنضبط، والذي يحدد بداية رمضان أو ذي الحجة يوما واحدا في سائر أقطار المعمور فيكون الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس و الأضحى يوم يضحي الناس.

8_ من الناحية الأصولية، فهل الرؤية مقصد أو وسيلة؟

لعله من المكابرة الزعم بأن الرؤية مقصودة لذاتها، وأي تعبد وتكليف في مجرد الرؤية؟،وإنما هي وسيلة من الوسائل أرشد الشارع إليها لتحديد وقت العبادة وزمنها، وإذا ثبت هذا فما كان وسيلة وخرج عن التعبد المحض، الأصل فيه التعليل، ومعرفة الباعث على الحكم، والعلة الظاهرة في الرؤية هي أمية الأمة، بل هي علة منصوصة قوية الدلالة والاعتبار، (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، ............. )،ووجود المناسبة بين هذه العلة والحكم واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، فلما كانت الأمة أمية ناسب توجيهها إلى وسيلة لا حساب ولا كتابة فيها، وهي الرؤية.

وإذا ثبت تعليل الحكم فإن الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما، وقد عدمت الأمية في الأمة فعدم الحكم، فكيف إذا تيسرت الوسيلة المحققة لنفس المقصد بشكل أكثر قطعية ويقينا؟ لا شك أن كل متأمل عميق النظر سينتهي إلى ضرورة الانتقال إلى هذه الوسيلة المحققة للغاية والمقصد.

قال الحافظ ابن حجر _رحمه الله_ في تفسير قول المصطفى: (لا نحسب):ذلك قول الحافظ ابن حجر: المراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك إلا النزر اليسير. فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية، لرفع الحرج عنهم في معاناة التسيير)،وقد رفع الحرج اليوم، بل ربما وجد من الحرج في الرؤية مالا يوجد في الحساب.

9 - الذي يظهر لي والله تعالى أعلم أن السبب في اعتماد النبي صلى اله عليه وسلم على الرؤية هو ضعف وسائل العرب إذ ذاك في معرفة المنازل ورصد النجوم فلم يكن عندهم مناظير ولا تليسكوبات ولا أقمار صناعية ولا مراكب فضائية ولا حسابات رياضية دقيقة ولا غير ذلك من وسائل الرصد، نعم كان لهم إلمام بعلم النجوم وحساب المنازل والأبراج وكانوا يعتمدون ذلك في أسفارهم وفي معرفة مواقع القطر والنبات، وأوقات الزرع والثمار وحلول الأمراض وال’فات، ولذلك امتن الله عليهم بذلك (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب). لكن مع هذا كله فوسائلهم ضعيفة خاصة مع بعد النجوم وبدائية الآلات إن كان هناك آلات أصلا، فلم يكن لهم إلا الاعتماد على الرؤية، أما الآن فقد سخر الله تعالى هذه الآلات الفلكية البالغة الدقة ويسر الله تعالى هذه الأقمار الاصطناعية القريبة من مواقع النجوم، وبلغ علم الحساب مراحل جد متقدمة كل هذا وغيره يجعل نتائج هذا التقويم أمرا قطعيا برهانيا لاسبيل إلى جحده وإنكاره، والمقصود عندنا هو معرفة دخول الشهر وليس الرؤية لذاتها، فكيف نترك جهدا علميا دقيقا ومتقنا لوسيلة قديمة (الرؤية) فرضتها ظروف العصر وحيثياته.؟

10 - أن أقصى ما استدل به المنكرون للعمل بالحساب هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب، الشهر هكذا وهكذا، ........ ) الحديث، فأنكر فيه عمل الأمة بالحساب، والاستدلال بهذا الحديث وبهذا الفهم لايستقيم مع ما نرفع به أصواتنا من أن هذه الأمة أمة العلم، وأمة الحضارة، وأمة الرقي، ولا زلنا نتباهى على غيرنا، بسالف مجدنا في العلوم التجريبية، ولا زلنا نفتخر بالخوارزمي وابن سينا وابن حيان وابن النفيس والشريف الإدريسي وغيرهم، ولدينا نصوص كثيرة تحث على العلم وتحض عليه، وحاجة الناس إليه ظاهرة، فهل يليق بنا ونحن المعتزون بديننا وهويتنا إذا طلب منا أحد الخصوم الاعتماد على الوسائل العلمية الحديثة، والاستفادة مما وصلته الحضارة الإنسانية، أن نستدل بهذا الحديث؟ كيف سيكون موقفنا حينئذ؟،وهذا ليس ردا للحديث_حاشا لله_،فلأن تشق الأرض فتبلعني خير لي من أرد حديثا صحيحا عن الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه، ولكني اناقش في فهمه والاستدلال به، خاصة وأن علماء الأمة اختلفوا اختلافا كبيرا في تحديد معناه، وقد ألف الإمام أبو عبد الله السائح

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير