ـ[أبو عائشة المغربي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:54 ص]ـ
أما قياس الرؤية على أوقات الصلوات، فهو قياس فاسد الاعتبار، لوجود النص، والقاعدة: لا اجتهاد مع النص.
لم تفهم أخي المقصود، المقصود أن الأمة كما أنها تستعمل التقاويم الفلكية في الصلاة، فلم لا تستعملها في الصيام، وأين هذا الفارق الفاسد الاعتبار، أيوجد نص في استعمال التقاويم في الصلاة، فأجزتم فيها ولم تجيزوا في الصيام لوجود النص المعارض؟
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 09:46 ص]ـ
لإثراء الموضوع، أنقل لكم هذه المقالة التي أوردها الشيخ العلامة محمد رشيد رضا رحمه الله في مجلة المنار، المجلد الثامن والعشرون، عدد شعبان 1345هـ، الموافق مارس 1927م، وهي تتكون من قسمين، أرفع إليكم القسم الثاني منها لفائدته ولكونه في صميم موضوعنا.
مباحث العمل بالحساب في مواقيت العبادة
قال الحافظ في شرح الحديث المتفق عليه: (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا: يعني مرة 29 ومرة 30) من فتح الباري ما نصه:
والمراد هنا حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضًا (أي: كالكتابة) إلا النزر اليسير، فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية؛ لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير، واستمر الحكم في الصوم، ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك، بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً. ويوضحه قوله في الحديث الماضي: (فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) ولم يقل: فسلوا أهل الحساب. والحكمة فيه: كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون فيرتفع الخلاف والنزاع عنهم ا. هـ.
ثم ذكر أن الروافض وبعض الفقهاء قالوا بالرجوع إلى أهل التسيير في ذلك، ورده بما ورد من النهي عن علم النجوم (قال): (لأنها حدث وتخمين ليس فيها قطع، ولا ظن غالب، مع أنه لو ارتبط الأمر بها لضاق؛ إذ لا يعرفها إلا قليل).
وأقول: إن ما ذكره من حكمة التشريع صحيح الأصل، فالاتفاق مطلوب شرعًا، وكون أوقات العباة منوطة بما يعرفه كل الناس، والحساب الفلكي لا يعرفه إلا قليل منهم صحيح أيضًا، ولكن المسلمين على زعمهم أنهم يعملون بنصوص هذه الأحاديث مختلفون غير متفقين، فهم في حال الصحو التام الذي يمكن أن يرى الهلال فيه السواد الأعم من الناس إن كان موجودًا يستهلون - أي: يتراءون - الهلال فرادى وجماعات في مواضع كثيرة من كل بلد فلا يراه أحد، وبعد انصرافهم يشهد واحد أو اثنان برؤيته؛ فيحكم الحاكم بهذه الشهادة الظاهر خطؤها بعدم رؤية الجماهير، أو يكملون عدة شعبان ثلاثين يومًا بعد العلم بعدم وجود الهلال؛ إذ لو كان موجودًا لرآه الجمهور، والعبرة برؤية معتدلي البصر؛ لأنه هو الذي يشترك فيه الناس، ويرتفع به الخلاف، ولا عبرة برؤية حديد البصر وحده؛ لأنه أندر من العالم بالحساب، فلا يكون مناطًا عامًّا، ولا يمكن معه اتفاق، وليس فيه قطع، ولا ظن غالب إلا في حالة الإغمام مع عدالة الشهود، وعدم مخالفة شهاداتهم للعلم القطعي.
وقوله: (إن ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً) إلخ، غلط ظاهر، وما ذكر من توضيحه بالأمر بإكمال العدة دون الأمر بسؤال أهل الحساب غير واضح، بل خلاف المتبادر من منطوق الحديث، وهو أن الأمة أمية لا تعرف الحساب، وهذا بيان لما كانت عليه، وهو قد بعث لإخراجها منه بنص القرآن، فكيف تؤمر بما لا تعرف؟! ومفهومه الظاهر أنه لو وجد الحاسبون لصح الرجوع إليهم، وما احتج به من النهي عن الخوض في علم النجوم – لأنها حدث وتخمين ليس فيها قطع، ولا ظن غالب - لا يرد على الحساب الذي نعنيه، فإن علم النجوم الذي ذكره هو استنباط أخبار الغيب من حركاته وتنقلاتها، ومقارنة بعضها لبعض، وليس منه حساب البروج والمنازل للشمس والقمر الثابتة باليقين القطعي، والمشروع العمل بها في قوله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} (الرحمن: 5)، مع قوله: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} (يونس: 5)، فهو صريح في إثبات هذا النوع من الحساب، وإفادته للعلم بضبط السنين والشهور، ولهذا قال بعض العلماء - في حديث (فإن غم عليكم فاقدروا له) -: فاقدروه بحساب المنازل.
¥