تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن كثيرا من المخالفات التي يحارب بها الدين اليوم، والتي يراد بها صد المسلمين عن دينهم، وتغريب مجتمعاتهم مخالفات صريحة لا يحتاج المسلم إلى كثير علم ليدرك أنها مخالفة كالدعوة إلى التبرج والسفور والاختلاط ومزاحمة النساء للرجال في كافة الميادين وموالاة الكفار والتشبه بهم والسير في ركابهم وغير ذلك، وكل من ينعق بشيء من ذلك من أعدائنا أو ممن جندوه لخدمتهم من أبناء جلدتنا فعلى كل قادر على أي نوع من أنواع الرد أن يرد عليه حماية للدين وإنكارا للمنكر، ولا نقول: " لاترد حتى تتمكن من شروط المناظرة والمجادلة "، فللمناظرة أهلها، ولسائر أنواع الرد أهله، وعلى كل مسلم أن يقوم بواجبه تجاه دينه.

تمنيت أن أرى في كتاب "فقه الرد على المخالف " حديثا عن أنواع الرد الأخرى غير المناظرة والمجادلة فتلك الأنواع هي التي يحتاج إليها عامة المثقفين الغيورين على دينهم وعقيدتهم اليوم، فلو تناولها الدكتور خالد بالبحث وربطها بواقع المخالفات في هذا العصر، واستقصى صور الرد الممكنة، وهي كثيرة، ووضع لها الضوابط المناسبة، وضرب الأمثلة الواقعية لها لكان في ذلك أعظم نفع للدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر في القيام بواجبهم في الرد على المخالفين الذين تمتلئ بهم الساحة اليوم. أما المناظرة والمجادلة فقد أشبعت بحثا، ولا يحتاج إلى معرفة أصولها وشروطها وتفصيلاتها إلا فئة قليلة مختصة بذلك من طلبة العلم الذين لا يحتاجون إلى مزيد من ذلك فوق ماذكر في المصنفات التي ألفت لذلك قديما وحديثا.

النكتة الثالثة

أكثر المؤلف حفظه الله من النقل في هذا الكتاب عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، والإفادة منه، فقد تقدم ذكر أن عدد صفحات هذا الكتاب 327 صفحة غير المقدمة والفهارس، وقد أحصيت نحو خمسين وسبعمائة موضع (750) من كتب شيخ الإسلام قد أحال عليها الدكتور السبت في كتابه، غير الكتب الأخرى المختصة بترجمة شيخ الإسلام ومنهجه، فقد أحصيت نحو سبعة عشر موضعا من الجامع لسيرة شيخ الإسلام والعقود الدرية وغيرها، أحال عليها الدكتور السبت في كتابه، وأحصيت نحو مائة موضع من كتاب " موقف ابن تيمية من الأشاعرة " للدكتور عبدالرحمن المحمود أحال عليها الدكتور السبت في كتابه. وأنا لا أنكر الإفادة من شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو صاحب المرتبة العلية في الإمامة، ورسوخ القدم في العلم، وإنما المقصود أن الكتاب إذا غلب عليه الاعتماد على أحد الأئمة فينبغي تقييده به حتى يكون أصدق في التعبير عن مضمونه، كأن يسمى الكتاب: فقه الرد عند الإمام ابن تيمية، وإن كان استعمال كلمة " الرد " هنا فيه ما تقدم ذكره في النكتة السابقة.

النكتة الرابعة

استطرد المؤلف في مواضع من كتابه بذكر موضوعات عامة ليست مختصة بالرد، وأطال فيها مثل مجانبة السلف لأهل الأهواء وعدم الإصغاء إليهم أوالسماع منهم أصلا، والذي تحدث عنه المؤلف في ست عشرة صفحة وذكر تحذير السلف من مجالسة أهل البدع، فهذا موضوع عام لا يختص بالرد، فماكان ينبغي التطويل فيه؛ لأن محل ذلك كتب أخرى قد خصصت له، وإنما المطلوب هنا ذكر ما يتعلق بالرد، ومن المعلوم أن عدم مجالسة أهل البدع لا ينافي رد بدعتهم وإبطالها وتحذير الناس منها.

ومن ذلك حديث المؤلف عن الإنصاف الذي استغرق ستين صفحة، فقد أطال المؤلف فيه وذكر كثيرا مما يتعلق بالحكم على الناس وتقويم الأشخاص، وذكر منهج الإمام ابن تيمية في الحكم على المخالفين في سبع عشرة صفحة، وهذا في الحقيقة موضوع مستقل قد بحث في مؤلفات مستقلة ولا ارتباط له برد المخالفة، وقد تنبه المؤلف لذلك، ولهذا قال في ص 223: " ليس المقصود من ذلك أن تذكر المحاسن عند الرد كما قد يتوهم، وإنما قد نذكر المحاسن عند التقويم أو الحكم على الناس أو الطوائف أو الكتب ". وقال في ص 235: " وكما سبق لا نقصد بذلك ذكر الحسنات عند الرد ". أقول: موضوع الكتاب في الرد، وليس في تقويم الأشخاص فلماذا الاستطراد والإطالة بذكر موضوعات تشوش ذهن القارئ وتصرفه عن موضوع الكتاب الأصل؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير