تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأول: أنهم لايرجعون عن باطلهم غالبا، فالذي يتشاغل بالرد على هؤلاء طمعا في هدايتهم لا شك أنه واهم، لأن هؤلاء لا يرجعون عن باطلهم الذي أشربوه، بل يدعون الله أن يثبتهم عليه، بخلاف أهل المعصية؛ ولذا ترك السلف رضي الله عنهم مجادلتهم استبعادا لرجوعهم، ورأوا استتابتهم وإلا عوقبوا بما يليق بأمثالهم. (فقه الرد/142 - 143).

أقول: للرد على المخالف غايات عدة، لا تنحصر في إرجاعه عن باطله فقط، فلا يترك الرد لعدم تتحقق هذه الغاية.وقد استدل المؤلف على ترك الرد عليه بأن السلف تركوا مجادلته، وترك المجادلة لا يعني ترك الرد بأنواعه الأخرى، ومنها الاستتابة، والعقاب اللذين نقل المؤلف عن السلف أنهم عدلوا إليهما، فهم لم يتركوا الرد مطلقا، وإنما تركوا نوعا من أنواعه، وهو المجادلة.

ثم ذكر المؤلف المفاسد المترتبة على مجادلة من لايرجع عن باطله، ومنها:

1 - تحول مسار المناظرة والجدل إلى مغالبة يطلب فيها كل طرف الظهور على الآخر فحسب.

2 - الدخول في دائرة المراء العقيم.

3 - أنه قد لايسلم من شبههم.

4 - أنه قد يقع في شيء من التكلف لرد باطلهم.

5 - أن ذلك يشغله عما هو بصدده من العلم والعمل.

6 - أن في الرد عليهم ترويجا لباطلهم.

ثم ذكر الاعتبار الثاني الذي يترك الرد والمجادلة لأجله، وهو أن ذلك مناف للمقصود من إغفالهم وهجرهم وتهميشهم. (فقه الرد/141 - 154).

أقول: قد أطال المؤلف في توضيح هذه المفاسد في نحو أربع عشرة صفحة، وكلها في نوع من أنواع الرد، وهو المجادلة والمناظرة.

ثم قال المؤلف: فإن هؤلاء جميعا لا يلتفت إليهم، وإنما الواجب زجرهم وتعزيرهم وتأديبهم بما يليق بأمثالهم، ويردعهم عن غيهم متى أمكن ذلك، وأما الرد والمناظرة فلا مكان لهما هنا؛ لكون هؤلاء غير مريدين للحق، ومن ثم فإن الأصل عدم مجادلتهم، لكن هناك حالات يمكن أن تستثنى فيكون الرد متعينا لوجود مصلحة راجحة دون قصد هداية المجادل أو المردود عليه، فمن ذلك:

1 - كسر المبطل وتعريته.

2 - إذا ذاعت الشبهة وانتشرت.

3 - إذا طرحت الشبهة بمحضرمن لا يميز ما فيها من باطل. (فقه الرد/154 - 157).

أقول: الزجر والتعزير والتأديب من أنواع الرد على المخالف، لكن المؤلف لم يعتن ببيانها وبيان كيفية الاستفادة منها.

والحالات التي استثناها المؤلف تكلم عنها باختصار شديد، ولم يبين هل يرخص في الجدال والمناظرة في هذه الحالات، ولو أدت إلى المفاسد التي ذكرها سابقا، ولم يذكر كيف يتلافى المجادل والمناظر تلك المفاسد إذا اضطر إلى المجادلة والمناظرة في الحالات التي ذكرها، وكل هذه مسائل مهمة متعلقة بموضوع البحث، ولا يكتمل بغير بيانها، ولم يذكرها المؤلف.

ثم قال المؤلف حفظه الله تحت عنوان " من الذي يتولى الرد؟ ": إذا تقرر أن الرد مطلوب حيث كانت المصلحة مقتضية له فليس ذلك يعني أن الباب مفتوح في ذلك لكل أحد، وإنما يكون ذلك لمن هو أهل لهذه المهمة ممن استجمع ثلاثة شروط:

الأول: التمكن في الباب الذي يناظر أو يرد أو يجادل فيه. وذلك أن المناظرة والمجادلة إذا كانت صادرة عمن لا تحقيق له ولا دراية في القضية التي يجادل فيها فإنها تضر ولا تنفع.

الثاني: أن يكون علمه صحيحا.

الثالث: أن يكون له قدرة على الجدل والمناظرة. من المعلوم أن الجدال والمناظرة فن لايحسنه كل أحد، وفي الوقت الذي نوجب على المناظر أو المتصدي للمجادلة أن يكون عالما بالباب الذي يجادل فيه فإننا ندرك في الوقت نفسه أن التمكن في العلم لا يعني أن يكون صاحبه قادرا على الإفحام والمناظرة ..

(فقه الرد/165 - 170).

أقول: قد تناول المؤلف الأمور المذكورة بالشرح والتوضيح، وغالب ماذكره يختص بالجدال والمناظرة، ولا يشمل سائر أنواع الرد.

ثم عقد المؤلف حفظه الله فصلا بعنوان "ماينبغي أن يتحلى به من تولى الرد والمجادلة "، واستغرق حديثه فيه نحو مائة صفحة، وكل ما ذكره فيه لا يخرج غالبا عن أمور تختص بالمجادلة والمناظرة دون سائر أنواع الرد أو أنها آداب عامة لا تختص بالرد بسائر أنواعه، وإنما هي مطلوبة من طالب العلم عموما، ولهذا فإن كثيرا مما ذكره مذكور في الكتب التي تحدثت عن آداب طلب العلم، وأدب الخلاف، والكتب التي تحدثت عن الأخلاق الإسلامية، وحق المسلم على المسلم، والكتب التي تحدثت عن منهج تقويم الأشخاص والحكم عليهم، وهي مسائل لا تختص بالرد، وقد تم بحثها في كتب خصصت لذلك، ومع ذلك أطال المؤلف في بيانها.

ثم عقد المؤلف حفظه الله فصلا بعنوان "المقومات الأساسية المشتركة للجدال المثمر"، استغرق اثنتي عشرة صفحة، وكان كلامه فيه مطابقا لعنوان المبحث، وهو ما يتعلق بالجدال المثمر، وهذا نوع من أنواع الرد ولايشمل سائر أنواع الرد.

ثم عقد المؤلف فصلا بعنوان "منهج الرد"، استغرق أكثر من خمسين صفحة، وأغلب ماذكره فيه يختص بالجدل والمناظرة، ولا يشمل سائر أنواع الرد، وذكر أمورا عامة تتعلق بتقويم الأشخاص والحكم عليهم، وهي أمور لا تختص بالرد وأنواعه، وإنما هي مطلوبة في غير مجال الرد أيضا، وقد استوفى أهل العلم الكلام عليها في مظانها، فماكان ينبغي الإطالة فيها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير