تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الغزالي أيضا: هجر [يعني الإمام أحمد] الحارث المحاسبي مع زهده وورعه بسبب تصنيفه كتابا في الرد على المبتدعة، وقال له: ويحك! ألست تحكي بدعتهم أولا، ثم ترد عليهم؟ ألست تحمل الناس بتصنيفك على مطالعة البدعة، والتفكر في تلك الشبهات، فيدعوهم ذلك إلى الرأي والبحث؟!

(إحياء علوم الدين 1/ 95).

قال علي القاري: اعلم أن الله سبحانه قد حكى مقالات المفترين عليه وعلى رسله في كتابه على وجه الإنكار لقولهم والتحذير من ضلالهم والوعيد على وبالهم في مآلهم، وكذلك وقع في أمثاله من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله. وأجمع السلف والخلف من أئمة الدين على ذكر حكايات الكفرة والملحدين في كتبهم وفي مجالسهم؛ ليبينوها للناس، وينقضوا شبههم الموجبة للالتباس، وإن كان ورد لأحمد بن حنبل إنكار لبعض هذا على الحارث بن أسد المحاسبي بما حكاه في الرعاية؛ فقد صنع أحمد بن حنبل مثله في رده على الجهمية، وعلى القائلين بأن القرآن مخلوق من المعتزلة، ولعل الفرق أن كلام الأول حكاية عقائد باطلة ثابتة بالكتاب والسنة مستغنية عن البيان في ميدان العيان، أو كأنه أورد أدلة الخصم وأوضحها، ثم ذكر بينة نفسه وحجته ورجحها بخلاف كلام الثاني حيث ذكر واقعة حال محتاجة إلى جواب سؤال. (الرد على القائلين بوحدة الوجود /132).

2 - ماذكره الحافظ ابن رجب في كتاب مناقب الإمام أحمد بقوله: ومن البدع التي أنكرها الإمام أحمد في القرآن: قول من قال: إن الله تكلم بغير صوت، فأنكر هذا القول وبدع قائله. قال: وقد قيل: إن الحارث المحاسبي إنما هجره الإمام أحمد لأجل ذلك. (التحبير شرح التحرير 3/ 1314).

وممن سبق ابن رجب إلى هذا الإمام ابن تيمية قال: فخالف [يعني الحارث] من نصوص الكتاب والسنة وآثار السلف ما أوجب ظهور بدعة اقتضت أن يهجره الإمام أحمد، ويحذر منه. (مجموع الفتاوى 8/ 497)

لكن الإمام ابن تيمية قال: ذكر غير واحد أن الحارث رجع عن ذلك كما ذكره معمر بن زياد في أخبار شيوخ أهل المعرفة والتصوف، وذكر أبو بكر الكلاباذي في كتاب التعرف لمذاهب التصوف عن الحارث المحاسبي أنه كان يقول: إن الله يتكلم بصوت. (انظر درء تعارض العقل والنقل 7/ 147).

وقال الإمام ابن تيمية أيضا: فذكروا أن الحارث رحمه الله تاب من ذلك، وكان له من العلم والفضل والزهد والكلام في الحقائق ما هو مشهور. (مجموع الفتاوى 6/ 521).

وأما تصوف الحارث فقد قال الدكتور عبدالرحمن المحمود: تصوف المحاسبي لم يكن كتصوف غيره في الغلو والانحراف بل كان كثيرا مايشير إلى وجوب الالتزام بالكتاب والسنة، ومتابعة الشرع. وإذا كان المحاسبي يركز على أعمال القلوب وخطرات النفوس، ومسائل تتعلق ببواطن الأعمال ومقاصد الإنسان فيها كالنية والمراقبة والتوكل والتيقظ والعجب والرياء والحسد وغيرها – ويطيل الكلام في كل واحدة منها بمايراه من وسائل إصلاح النفس – إلا أنه يأمر مع ذلك باتباع الشرع بفعل الأوامر واجتناب النواهي .... وكثيرا مايذكر الأدلة على بعض الأمور التي يذكرها من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة، ولذلك شنع المحاسبي على بعض متصوفة عصره وانحرافاتهم. (موقف ابن تيمية من الأشاعرة1/ 457).

والحاصل أن الحارث المحاسبي وإن نُسب إلى الكلابية بسبب قوله ببعض بدعهم إلا أنه قد تاب من ذلك، ولا يجوز ذم المسلم بذنب تاب منه. وقد عد الإمام ابن تيمية الحارث المحاسبي في بعض مواضع من كتبه من السلف، ومن أئمة الدين، فقد قال: ولهذا كان في كلام السلف كأحمد والحارث المحاسبي وغيرهما اسم العقل يتناول هذه الغريزة. (الصفدية 2/ 257).

وقال أيضا: والمنصوص عن أئمة الدين أن العقل غريزة كما ذكر ذلك أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي وغيرهما. (الصفدية2/ 331).

وقال أيضا: وقد نسب إلى هذا القول غير واحد من المعروفين بالسنة والحديث كالحسين الكرابيسي، ونعيم بن حماد الخزاعي، والبويطي، والحارث المحاسبي. (مجموع الفتاوى 12/ 207).

وقال الذهبي: المحاسبي كبير القدر، وقد دخل في شيء يسير من الكلام، فنقم عليه.

(سير أعلام النبلاء 12/ 111)

وقال أيضا: وبعد هذا فرحم الله الحارث، وأين مثل الحارث؟! (تاريخ الإسلام 18/ 210).

ووصفه بالزاهد الناطق بالحكمة. (العبر 1/ 440).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير