تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الخطيب البغدادي: وللحارث كتب كثيرة في الزهد، وفي أصول الديانات، والرد على المخالفين من المعتزلة والرافضة وغيرهما، وكتبه كثيرة الفوائد جمة المنافع. وذكر أبو علي بن شاذان يوما كتاب الحارث في الدماء، فقال: على هذا الكتاب عول أصحابنا في أمر الدماء التي جرت بين الصحابة.

(تاريخ بغداد 8/ 211)

ووصفه ابن حجر بأنه من أئمة الحديث والكلام. (النكت على ابن الصلاح 2/ 584).

وعلى فرض أنه لم يتب من البدع التي وقع فيها فتلك البدع لا تجعله في عداد أولئك المبتدعة الزنادقة الذين قتلوا على الزندقة، فالبدع متفاوتة كما هو معروف.

ثم قال المؤلف حفظه الله:

6 - أبوعلي الثقفي (ت328هـ): وكان من أخص تلاميذ ابن خزيمة، قال عنه الذهبي:" ومع علمه وكماله خالف الإمام ابن خزيمة في مسائل التوفيق والخذلان، ومسألة الإيمان، ومسألة اللفظ، فألزم البيت ولم يخرج منه إلى أن مات، وأصابه في ذلك محن". (فقه الرد/46).

أقول: اقتصر المؤلف على هذا القدر من كلام الذهبي في أبي علي الثقفي، ولم ينقل بقية كلامه فيه لتتضح الصورة عن هذا الرجل. فقد وصفه الذهبي بالإمام المحدث الفقيه العلامة الزاهد شيخ خراسان. ونقل عن الحاكم قوله: شهدت جنازته فلا أذكرأني رأيت بنيسابور مثل ذلك الجمع. (سير أعلام النبلاء 15/ 280)

ووصفه أيضا بالفقيه الواعظ أحد الأئمة، وقال: كان له جنازة لم يعهد مثلها. (العبر 2/ 220).

فإلزامه بيته إلى أن مات لم يمنع أهل نيسابور أن يخرجوا في جنازته في صورة لم يعهد مثلها. وقد ذكر المؤلف حفظه الله في ترجمة الذي قبله قول الإمام أحمد:" قولوا لأهل البدع: بيننا وبينكم يوم الجنائز".

وقال الذهبي أيضا: وكان الإمام أبوعلي الثقفي مع علمه وكماله قد خالف إمام الأئمة ابن خزيمة في مسائل منها مسألة التوفيق والخذلان، ومسألة الإيمان ومسألة اللفظ بالقرآن، فقام عليه الجمهور، وألزم بالبيت أعني الثقفي إلى أن مات، وتمت له محن. وكان الثقفي كبير الشأن. وما زال العلماء يختلفون في المسائل الصغار والكبار، والمعصوم من عصمه الله بالتجاء إلى الكتاب والسنة وسكوت عن الخوض في ما لا يعنيه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. (تذكرة الحفاظ 2/ 730).

وقد ذكر الإمام ابن تيمية أبا علي الثقفي في المنسوبين إلى السنة، ولو كان فيه نوع من البدعة، فقال:

والذي كان أئمة السنة ينكرونه على ابن كلاب والأشعري بقايا من التجهم والاعتزال مثل اعتقاد صحة طريقة الأعراض وتركيب الأجسام وإنكار اتصاف الله بالأفعال القائمة التي يشاؤها ويختارها وأمثال ذلك من المسائل التي أشكلت على من كان أعلم من الأشعري بالسنة والحديث وأقوال السلف والأئمة كالحارث المحاسبي وأبي علي الثقفي وأبي بكر بن إسحاق الصبغي مع أنه قد قيل: إن الحارث رجع عن ذلك، وذكر عنه غير واحد ما يقتضي الرجوع عن ذلك، وكذلك الصبغي والثقفي قد روي أنهما استتيبا فتابا. وقد وافق الأشعري على هذه الأصول طوائف من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم، منهم من تبين له بعد ذلك الخطأ، فرجع عنه، ومنهم من اشتبه عليه ذلك كما اشتبه غير ذلك على كثير من المسلمين، والله يغفر لمن اجتهد في معرفة الصواب من جهة الكتاب والسنة بحسب عقله وإمكانه، وإن أخطأ في بعض ذلك. والمقصود أنه لم يكن في المنسوبين إلى السنة ولو كان فيه نوع من البدعة من يزعم أن صريح المعقول يخالف مدلول الكتاب والسنة. (درء التعارض 7/ 97 - 98).

وقد ذكر الحاكم قصة ماجرى بين الثقفي وابن خزيمة، وأن ذلك بسبب وشاية أحد المعتزلة، وهو منصور ابن يحيى الطوسي، فذكر الحاكم أن ابن خزيمة لما بلغ من السن والرئاسة والتفرد بهما مابلغ، كان له أصحاب صاروا في حياته أنجم الدنيا مثل أبي علي الثقفي، وهو أول من حمل علوم الشافعي، ودقائق ابن سريج إلى خراسان، والصبغي وهو خليفة ابن خزيمة في الفتوى، وغيرهما، فلما ورد منصور الطوسي المعتزلي خراسان ورأى قدر أصحاب ابن خزيمة وحالهم معه حسدهم على ذلك، فسعى إلى إيقاع الوحشة بينهم وبينه، وذكر قصة ماجرى في ذلك إلى أن قال ابن خزيمة: وقد صح عندي أن هؤلاء – الثقفي والصبغي ويحيى بن منصور كذبة، قد كذبوا علي في حياتي. قال الذهبي معلقا: ما هؤلاء بكذبة، بل أئمة أثبات، وإنما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير