تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد نقل الدكتور السبت في ص 238 من كتابه هذا ماذكره الإمام ابن تيمية في الباقلاني من أنه أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الأشعري، وأنه ليس فيهم مثله لا قبله ولابعده، ولا أحسن تصنيفا وكتبا منه، وأنه أكثر إثباتا بعد الأشعري في الإبانة، وأن فيه من الفضائل العظيمة والمحاسن الكثيرة والرد على الزنادقة والملحدين وأهل البدع الشيء الكثير، وهكذا جهوده في الرد على الباطنية والنصارى.

وقد وصف الذهبي الباقلاني بالإمام العلامة أوحد المتكلمين مقدم الأصوليين ثم قال: وكان ثقة إماما بارعا صنف في الرد على الرافضة والمعتزلة والخوارج والجهمية والكرامية، وانتصر لطريقة أبي الحسن الأشعري، وقد يخالفه في مضائق فإنه من نظرائه، وقد أخذ علم النظر عن أصحابه. (سير أعلام النبلاء17/ 190).

وقال أيضا: وكانت جنازته مشهودة، وكان سيفا على المعتزلة والرافضة والمشبهة، وغالب قواعده على السنة، وقد أمر شيخ الحنابلة أبو الفضل التميمي مناديا يقول بين يدي جنازته: هذا ناصر السنة والدين والذاب عن الشريعة، هذا الذي صنف سبعين ألف ورقة، ثم كان يزور قبره كل جمعة.

(سير أعلام النبلاء 17/ 193)

وما تقدم ذكره لا يعني تصحيح مذهبه الأشعري، ولا الدفاع عما وقع فيه من البدع، والتي يجب اجتنابها والحذر منها، وإنما المقصود التدليل على أنه لا يجوز أن يقارن بجهم وغيره ممن قتل على الزندقة، فله فضله وقدره في خدمة الدين، والبدع متفاوتة كما هو مقرر في موضعه.

وللإمام ابن تيمية كلمة عظيمة في هذا الباب يحسن ذكرها هنا، فهو لما نقل قول الحسين بن أبي أمامة المالكي: لعن الله أبا ذر الهروي؛ فإنه أول من حمل الكلام إلى الحرم، وأول من بثه في المغاربة – قال الإمام ابن تيمية: قلت: أبو ذر فيه من العلم والدين والمعرفة في الحديث والسنة وانتصابه لرواية البخاري عن شيوخه الثلاثة وغير ذلك من المحاسن والفضائل ما هو معروف به، وكان قد قدم إلى بغداد من هراة فأخذ طريقة ابن الباقلاني، وحملها إلى الحرم فتكلم فيه وفي طريقته من تكلم كأبي نصر السجزي وأبي القاسم سعد بن علي الزنجاني وأمثالهما من أكابر أهل العلم والدين بما ليس هذا موضعه، وهو ممن يرجح طريقة الصبغي والثقفي على طريقة ابن خزيمة وأمثاله من أهل الحديث ....

إلى أن قال: ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام مساع مشكورة وحسنات مبرورة، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ما لا يخفى على من عرف أحوالهم وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف لكن لما التبس عليهم هذا الأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة، وهم فضلاء عقلاء احتاجوا إلى طرده، والتزام لوازمه، فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين، وصار الناس بسبب ذلك: منهم من يعظمهم لما لهم من المحاسن والفضائل ومنهم من يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل، وخيار الأمور أوساطها.

وهذا ليس مخصوصا بهؤلاء، بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين، والله تعالى يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات، ويتجاوز لهم عن السيئات {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم}، ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخطأ في بعض ذلك فالله يغفر له خطأه تحقيقا للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين حيث قالوا: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}.

ومن اتبع ظنه وهواه فأخذ يشنع على من خالفه بما وقع فيه من خطأ ظنه صوابا بعد اجتهاده، وهو من البدع المخالفة للسنة؛ فإنه يلزمه نظير ذلك أو أعظم أو أصغر فيمن يعظمه هو من أصحابه؛ فقلَّ من يسلم من مثل ذلك من المتأخرين؛ لكثرة الاشتباه والاضطراب وبعد الناس عن نور النبوة وشمس الرسالة الذي به يحصل الهدى والصواب، ويزول به عن القلوب الشك والارتياب. (درء التعارض 2/ 101 - 102)

النكتة العشرون

ذكر الدكتور خالد السبت حفظه الله في تراجم الأربعة السابقين أمورا استعملها في الاستدلال بها على ذمهم، وفي ذلك نظر، فيما يلي بيانه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير