تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما ابن رجب فقال:" ومن ذلك – أعني محدثات الأمور- ما أحدثه المعتزلة ومن حذا حذوهم من الكلام في ذات الله تعالى وصفاته بأدلة العقول .... وانقسم هؤلاء قسمين: أحدهما: من نفى كثيرا مما ورد به الكتاب والسنة من ذلك، لاستلزامه عنده التشبيه بالمخلوقين .... والثاني: من أراد إثبات ذلك بأدلة العقول التي لم يرد بها الأثر، ورد على أولئك مقالتهم ". (فضل علم السلف/28).

فلاحظ أن الثلاثة الذين أحال عليهم المؤلف كان حديثهم عن مسائل الاعتقاد لا ما هو أعم كما دل عليه عنوان المؤلف.

2 - ذكر المؤلف أن هذا الموضوع مما يمنع فيه الرد والجدال والمناظرة، وأنه الجدل المذموم. (فقه الرد/75).

ولم يبين أنه سيذكر الحالات التي تستثنى من ذلك، وكان ينبغي أن ينبه القارئ على ذلك، لأن هذه الاستثناءات لن تأتي إلا بعد أكثر من خمسين صفحة من هذا الموضع. ويؤكد أهمية التنبيه على هذا أن المؤلف ذكر في هذا الموضع كلام ابن عبدالبر، وفيه ذكر مناظرة بشر المريسي بشيء من الذم لبعض ماورد فيها، وقد ذكر المؤلف هذه المناظرة قبل صفحتين من هذا الموضع أي في ص 73 في مقام ماورد عن التابعين ومن بعدهم من تقرير مجادلة أهل الأهواء وفعلها، فالقارئ لابد أن يقع في حيرة لا تحل إلا بعد خمسين صفحة من هذا الموضع.

وعلى كل حال فالمؤلف في مبحث الحالات التي يمكن استثناؤها من ذلك في ص 131، والذي لم يستغرق سوى ثلاث صفحات تكلم باقتضاب، ولم يعط المبحث حقه مقارنة بما قبله، ولم يربطه بماذكره في مبحث: ماورد من مجادلة أهل الأهواء والترخيص في ذلك أو الحث عليه الذي تناوله في ص 64، وكان ينبغي الربط بين المبحثين لما بينهما من صلة كبيرة، وللفاصل الكبير الذي بينهما الذي زاد على خمسين صفحة.

3 - قال المؤلف حفظه الله: قال عبدالله بن ذكوان (ابن أبي الزناد): إن السنن لا تخاصم (فقه الرد/75).

أقول: الصواب بحذف "ابن"؛ ورفع "أبو" فعبدالله بن ذكوان هو أبوالزناد. وقد علق البخاري هذا الأثر في صحيحه في كتاب الصوم - بَاب الْحَائِضِ تَتْرُكُ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ فقال: وقال أبو الزِّنَادِ: إِنَّ السُّنَنَ وَوُجُوهَ الْحَقِّ لَتَأْتِي كَثِيرًا على خِلَافِ الرَّأْيِ فما يَجِدُ الْمُسْلِمُونَ بُدًّا من اتِّبَاعِهَا من ذلك أَنَّ الْحَائِضَ تَقْضِي الصِّيَامَ ولا تَقْضِي الصَّلَاةَ. (صحيح البخاري 2/ 689).

وقول أبي الزناد:" إن السنن لتأتي كثيرا على خلاف الرأي " محمول على أن المراد بالرأي ما يتبادر إلى أذهان عامة الناس، وذلك لأن الدين لا يخالف العقل، وقد ألف الإمام ابن تيمية كتابه العظيم درء تعارض العقل والنقل، وبين فيه وفي غيره من الكتب أن العقل لا يناقض الشرع. ومن أقواله في هذا:

العقل الصريح لا يخالف السمع الصحيح بل يصدقه ويوافقه كما قال تعالى: {ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق}، وقال تعالى: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا} (شرح العقيدة الأصفهانية/80)

وقوله: ومن سلك الطرق النبوية السامية علم أن العقل الصريح مطابق للنقل الصحيح (الصفدية1/ 147) وقوله: والمعقول الصريح دائما يوافق ما جاءت به الرسل لم يخالف العقل الصريح شيئا مما جاءت به الرسل وقد بسط هذا في الكتاب المصنف في درء تعارض العقل والنقل. (الصفدية 2/ 326).

النكتة الرابعة والعشرون

قال المؤلف حفظه الله: وإذا أردت أن تعرف حقيقة ذلك فانظر كيف أن اختلاف الصحابة رضي الله عنهم لم يؤد إلى التنازع والتفرق والرمي بالكفر والضلال؛ لأنهم اجتهدوا فيما أمروا به فكانوا محمودين بذلك، تسودهم المحبة والتناصح والأخوة الإيمانية. (فقه الرد/123).

أقول: كان هذا هو الغالب عليهم رضي الله عنهم، لكن لا ينكر أنه وقع بين بعضهم خلاف أدى إلى التنازع والتفرق والقتال كما جرى في الجمل وصفين. والتنبيه على هذا هنا حتى لا يعترض معترض على المؤلف فيتهمه بأنه يقول بعمومات تخالف الواقع. وما جرى من ذلك ليس بقادح في عدالتهم وفضلهم وسابقتهم، فليسوا بمعصومين من الخطأ، وقد اجتهدوا، فمنهم من أصاب، ومنهم من أخطأ، وخطؤه مغفور له إن شاء الله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير