تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الذهبي:وما زال يمر بي الرجل الثبت، وفيه مقال من لا يعبأ به، ولو فتحنا هذا الباب على نفوسنا لدخل فيه عدة من الصحابة والتابعين والأئمة، فبعض الصحابة كفر بعضهم بتأويلٍ ما، والله يرضى عن الكل ويغفر لهم، فما هم بمعصومين، وما اختلافهم ومحاربتهم بالتي تلينهم عندنا أصلا. وبتكفير الخوارج لهم انحطت رواياتهم بل صار كلام الخوارج والشيعة فيهم جرحا في الطاعنين.

(الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم/23).

وقال أيضا: كلام الأقران إذا تبرهن لنا أنه بهوى وعصبية لا يلتفت إليه بل يطوى ولا يروى كما تقرر عن الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين، وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف وبعضه كذب، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا، فينبغي طيه وإخفاؤه بل إعدامه لتصفو القلوب وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم، وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء، وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالى حيث يقول: {والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا} (الحشر:10) فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع منهم، وجهاد محاء، وعبادة ممحصة، ولسنا ممن يغلو في أحد منهم، ولا ندعي فيهم العصمة. نقطع بأن بعضهم أفضل من بعض، ونقطع بأن أبا بكر وعمر أفضل الأمة، ثم تتمة العشرة المشهود لهم بالجنة فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نعرج عليه ولا كرامة فأكثره باطل وكذب وافتراء؛ فدأب الروافض رواية الأباطيل أو رد ما في الصحاح والمسانيد، ومتى إفاقة من به سكران، ثم قد تكلم خلق من التابعين بعضهم في بعض، وتحاربوا، وجرت أمور لا يمكن شرحها، فلا فائدة في بثها ووقع في كتب التواريخ وكتب الجرح والتعديل أمور عجيبة، والعاقل خصم نفسه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، ولحوم العلماء مسمومة، وما نقل من ذلك لتبيين غلط العالم وكثرة وهمه أو نقص حفظه فليس من هذا النمط بل لتوضيح الحديث الصحيح من الحسن والحسن من الضعيف.

(سير أعلام النبلاء 10/ 93).

النكتة الخامسة والعشرون

عقد المؤلف مبحثا بعنوان " الرد لايعارض الألفة "، ومما قال فيه: وقد عرفت أهمية الرد وفائدته، وبناء على ذلك فإن التجرد من حظوظ النفس لا يجعل من الخلاف مفسدا للود قضية، فإذا فرض أن مقصود كل طرف الوصول إلى الحق؛ فإن الخلاف والرد والمجادلة كل ذلك لا يسوغ قطع حبل المودة بين المؤمنين أو يؤدي إلى التنابذ والتدابر.

ثم نقل عن الإمام ابن تيمية أن العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم كانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشاورة ومناصحة، وربما اختلف قولهم فى المسألة العلمية والعملية مع بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين نعم من خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافا لا يعذر فيه فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع. (فقه الرد/162 - 164).

أقول: هذا المبحث جاء بعد أبحاث كثيرة وطويلة غلب فيها ذكر أهل البدع والأهواء ومايتعلق بهم حتى يكاد القارئ يشعر بأن المقصود بالمخالف الذي يناظر ويجادل ويرد عليه هم أهل البدع والأهواء، ويؤكد هذا أن المؤلف ذكر في مدخل كتابه في ص 9 أن مقصود كتابه الإجابة عن سؤالات أربعة: هل يسوغ الرد على أهل الأهواء ابتداء؟ ومتى يكون الرد مشروعا؟ ومن المؤهل للرد؟ وما المنهج الصحيح في الرد؟ وذكر المؤلف في ص 32 الخلاف المذموم، وهو خلاف أهل الأهواء والبدع، ثم أتبعه في ص 38 بذكر موقف السلف من أصحاب الخلاف المذموم، وأنه كان موقفا صارما تجلى في مجانبتهم وعدم الإصغاء إليهم أو السماع منهم أصلا، وأطال في ذكر شواهد ذلك من أقوال السلف الصالح في أربع صفحات، ثم ذكر أسباب ذلك الموقف السلفي، ودوره في محاربة البدعة والقضاء عليها في ثلاث عشرة صفحة، ثم ذكر النهي عن مجادلة أهل الأهواء، وماورد من مجادلتهم في أحوال معينة في اثنتي عشرة صفحة، ثم ذكر مباحث متنوعة لا يخلو أكثرها مما له تعلق بأهل البدع وخصالهم وطرقهم، ثم تكلم عن المنهج الكلامي الذي هو عمدة أهل البدع وأطال الكلام في مفاسده

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير