تأكيد رجوعهم لانهم إذا باشروه ظهرت لهم حكمة النهي، وأما حديث سمرة فهو ضعيف كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد «3/ 158».
وأما رواه ابن أبي شيبة باسناد صحيح ان عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما كان يواصل خمسة عشر يوما، فنقول ان قول الصحابي وفعله متأخر الرتبة عن قول الله ورسوله، والسنة قاضية على قوله وفعله، والعصمة لمجموع الصحابة لا لآحادهم.
10 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه». رواه البخاري.
فهذا الحديث فيه بيان حقيقة الصيام وهو انه ليس مجرد الامساك عن الطعام والشراب، بل مقصود الصيام تحقيق التقوى كما قال تعالى «يأابها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»، وروى أحمد في مسنده وصححه ابن خزيمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر».
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله: «وسر هذا ان التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات لايكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات، فمن ارتكب المحرمات ثم تقرب إلى الله بترك المباحات صار بمثابة من يترك الفرائض ويتقرب بالنوافل وان كان صومه مجزئا عند الجمهور بحيث لايؤمر باعادته لآن العمل إنما يبطل بإرتكاب ما نهي عنه لخصوصه دون ارتكاب ما نهي عنه لغير معنى يختص به، هذا هو قول الجمهور». لطائف المعارف ص 164.
وهذا الحديث لايفهم منه ان غير يوم الصوم يباح فيه قول الزور والعمل به، وإنما المراد ان المنع من ذلك يتأكد بالصوم، كما نبه على ذلك القرطبي.
وعن ابي هريرة رضي الله عانه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه».
11 - وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال «من فطر صائما كتب الله له اجره، إلا انه لاينقص من اجر الصائم شيء» رواه احمد والنسائي وصححه ابن حبان.
هذا الحديث دال على استحباب تفطير الصائمين، وانه يكتب لمن يعمل ذلك اجر الصائم دون ان ينقص من اجر الصائم شيئاً.
12 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان املككم لأربه» متفق عليه.
قولها «اربه» بفتح الهمزة والراء وبالموحدة أي حاجته، ويروى بكسر الهمزة وسكون الراء أي عضوه، والأول اشهر، قال ابن حجر رحمه الله في الفتح وقولها رضي الله عنها «يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم» فالتقبيل اخص من المباشرة فهو من ذكر العام بعد الخاص.
وأما بالنسبة لحكم المباشرة والقبلة للصائم فقد كرهها ابن عمر رضي الله عنهما كما في مصنف ابن ابي شيبة باسناد صحيح، وهو المشهور عند المالكية، واحتجوا بقوله تعالى «فالآن باشروهن» فمنع من المباشرة في هذه الآية نهارا، والجواب ان النبي صلى اللع عليه وسلم هو المبين عن الله تعالى وقد اباح المباشرة في هذا الحديث نهارا فدل على ان المراد بالمباشرة في الآية الجماع لا مادونه من قبلة ونحوها.
وفرّق ابن عباس رضي الله عنهما بين الشاب والشيخ فكرهها للشباب واباحها للشيخ رواه مالك عنه، لأن الشباب مظنة لهيجان الشهوة، وفرّق سفيان والشافعي بين من يملك نفسه ومن لايملك كما اشارت اليه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في قولها «ولكنه كان املككم لأربه» فأشارت بذلك إلى ان الاباحة لمن يكون مالكا لنفسه دون من لايأمن من الوقوع فيما يحرم، ويدل لذلك رواه مسلم من طريق عمرو بن ابي سلمة رضي الله عنه وهو ربيب النبي صلى الله عليه وسلم ان سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيقبل الصائم؟ فقال: سل هذه لأم سلمة، فأخبرته ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك، فقال يارسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: أما والله إني لاتقاكم لله واخشاكم له» فدل على ان الشيخ والشاب سواء لأن عمرو بن ابي سلمة رضي الله عنه حينئذ كان شابا، ولأن عائشة رضي الله عنها كانت شابة.
وروى عبدالرزاق باسناد صحيح عن مسروق رحمه الله قال: سألت عائشة رضي الله عنها ما يحل للرجل من امرأته صائما؟ قالت: كل شيء الا الجماع.
¥