تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك يلتحق بالعذر والعفو التأويل الخاطئ، ففي الصحيحين ان عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) عمدت إلى عقالين أحدهما أسود والآخر أبيض فجعلتهما تحت وسادتي وجعلت أنظر اليهما فلما تبين لي الأبيض من الأسود امسكت، فلما اصبحت غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بالذي صنعت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان وسادك اذن لعريض ان كان الخيط الابيض والاسود تحت وسادك، انما ذلك بياض النهار وسواد الليل.

وهذا دال على انه أكل بعد طلوع الفجر متأولا ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء.

وكذلك من تناول شيئاً من المفطرات خطأً معتقدا بقاء الليل أو غروب الشمس فهذا صيامه صحيح ولا شيء عليه، ففي صحيح البخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: أفطرنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم غيم ثم طلعت الشمس، ولم تذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالقضاء لانهم كانوا جاهلين بالوقت، ولو أمرهم بالقضاء لنُقل لانه مما تتوفر الدواعي على نقله، قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته «حقيقة الصيام»: انه نقل هشام بن عروة عن ابيه عروة انهم لم يؤمروا بالقضاء.

وتكلم العلماء في النسيان في الجماع هل يُعذر به الصائم كسائر المفطرات أو ان النسيان غير مقبول في الجماع؟

الشافعي وأبو حنيفة واسحاق رحمهم الله قالوا: ليس عليه شيء لاقضاء ولا كفارة بمنزلة من أكل ناسيا عندهم، وقال الليث بن سعد ومالك: عليه القضاء ولا كفارة، وقال عطاء عليه الكفارة مع القضاء، وقال: مثل هذا لا ينسى، وقال أحمد: عليه القضاء والكفارة لان الحديث الموجب للكفارة لم يفرق بين الناسي والعامد، وتعقبه الخطابي بقوله: وهذا لا يصح لان العموم للأقوال لا للأفعال.

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن رجل وطأ امرأته وقت طلوع الفجر معتقدا بقاء الليل ثم تبين ان الفجر قد طلع، فما يجب عليه؟ فأجاب: هذه المسألة فيها ثلاثة أقوال لأهل العلم: أحدها: ان عليه القضاء والكفارة وهو المشهور من مذهب أحمد، والثاني: ان عليه القضاء، وهو قول ثان في مذهب أحمد، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي ومالك. والثالث: لا قضاء عليه ولا كفارة وهذا قول طوائف من السلف كسعيد بن جبير ومجاهد والحسن واسحاق وداود واصحابه والخلف، وهؤلاء يقولون من أكل معتقدا عدم طلوع الفجر ثم تبين له انه طلع فلا قضاء عليه وهذا القول أصح الأقوال وأشبهها بأصول الشريعة ودلالة الكتاب والسنة وهو قياس اصول أحمد وغيره، فإن الله رفع المؤاخذة عن الناسي والمخطئ، وهذا مخطئ وقد أباح الله الأكل والوطء حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، واستحب تأخير السحور، ومن فعل ما ندب اليه وأبيح له لم يفرط، فهذا أولى بالعذر من الناسي، والله أعلم».

مجموع الفتاوى (25/ 263).

18 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ولا كفارة ومن استقاء فعليه القضاء». رواه أحمد وأبو داود، وقال: سمعت أحمد يقول: ليس من ذا شيء، وقال البخاري: لا أراه محفوظا.

هذا الحديث كما ترى في ثبوته نظر، وقد ضعفه امامان كبيران هما الإمام أحمد بن حنبل وأمير المؤمنين في الحديث البخاري، ونقل الحافظ ابن حجر رحمه الله عن الترمذي انه قال: غريب، وابن حجر رحمه الله بعد ان ذكر كلام الأئمة قبله في الحديث قال: «وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة رضي الله عنه، ولا يصح» فتح الباري (4/ 175).

وهذا الحديث لو قُدر ان اسناده غير صحيح إلا ان العلماء متفقون على القول بمقتضاه والعمل بحكمه، وقد حكى الاجماع على ذلك اكثر من إمام، قال الخطابي رحمه الله «لا أعلم خلافا بين أهل العلم في ان من ذرعه القيء فانه لا قضاء عليه، ولا في ان من استقاء عامدا ان عليه القضاء».

وقال ابن المنذر رحمه الله: «أجمع أهل العلم على ابطال صوم من استقاء عمدا».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير