اولاً: انه يوم عيد المسلمين، فقد روى الحاكم في مستدركه عن ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «يوم الجمعة يوم عيد فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم الا ان تصوموا قبله او بعده».
ثانيا: انه يوم ذكر وعبادة فاستحب الفطر ليكون اقوى وانشط وأعون له على هذه الوظائف، وهو نظير صوم يوم عرفه للحاج.
وأما بالنسبة لحكم صوم يوم الجماعة فمذهب عامة الصحابة التحريم، فقد نقل ابن المنذر، وابن حزم منع صومه عن ابي هريرة علي وسلمان وابي ذر رضي الله عنهم اجمعين، ثم قال ابن حزم رحمه الله: «لا نعلم لهم مخالفا من الصحابة».
وبهذا يتبين ضعف ما قاله الإمام مالك رحمه الله: «لم اسمع احداً ممن يقتدى به ينهى عنه».
كذا قال، رحمه الله، وأي قدوة فوق الصحابة رضي الله عنهم، لذلك لم يرض العلماء قوله مالك وانتقدوه، قال ابن قدامة منتقدا مالك رحم الله الجميع: «وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق ان تتبع» المغني «4/ 627»، وكذلك انتقده ابن الملقن رحمه الله فقال: «هذا رأي من مالك خالفه فيه غيره، والسنة قاضية على من خالفها».
وأما الحنفية فلم يكرهوا صوم يوم الجمعة لحديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وقلما كان يفطر يوم الجمعة» رواه الترمذي وحسنه.
قال ابن القيم رحمه الله: «ولا معارضة بينه وبين احاديث النهي اذ ليس فيه: انه كان يفرده بالصوم، والنهي انما هو عن الافراد فمتى وصله بغيره زال النهي». تهذيب السنن «3/ 297».
هذا توجيه، والتوجيه الاخر هو انه يحتمل ان يريد انه كان لا يتعمد فطره اذا وقع في الأيام التي كان يصومها، فيكون هذا متوافق مع حديث الباب حيث استثنى النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن صوم يوم الجمعة بقوله: «إلا ان يكون في صوم يوم احدكم فليصمه» ممن اتفق وقوع الجمعة في أيام له عادة بصومها كيوم عرفة او عاشوراء جاز له صيامها. وشيخنا العلامة محمد العثيمين رحمه الله قال بكراهة صوم يوم الجمعة وعدم التحريم لحديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له: صم يوما وافطر يوما، فقال شيخنا العثيمين رحمه الله: «فلابد ان يوافق يوم جمعة». وهذا في الحقيقة يحتمله الدليل، لكن فهم الصحابة يجعل الانسان يتحرج عن الخروج عن فقه عامتهم، لا سيما وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر من افرد يوم الجمعة بالصوم بالفطر، وهذا لا يكون للمكروه كراهة تنزيهية، فقد روى البخاري في صحيحه ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل على جويرية بنت الحارث رضي الله عنها يوم الجمعة وهي صائمة؟ فقال: اصمت امس؟ قالت: لا، قال: تريدين ان تصومي غدا؟ قالت: لا، قال: فأفطري.
37 - وعن صلة بن زفر قال: كنا عند عمار بن ياسر فأتي بشاة مصلية، فقال: كلوا، فتنحى بعض القوم، فقال: اني صائم، فقال عمار: من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى ابا القاسم صلى الله عليه وسلم». رواه ابو داود والنسائي والترمذي وصححه.
وقوله عليه السلام «لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من سائر الأيام، ولا تخصوه بقيام سائر الليالي فيه» دليل على تحريم البدعة الإضافية، وهو ما كان مشروعا بأصله ممنوعاً بوصفه.
وقد سبق الكلام في حكم صوم يوم الشك.
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[05 - 09 - 08, 02:58 ص]ـ
38 - وعن العلاء بن عبدالرحمن عن ابيه عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اذا انتصف شعبان فلا تصوموا» رواه احمد والنسائي وابو داود.
هذا الحديث من افراد العلاء بن عبدالرحمن، لذلك قال ابو داود رحمه الله: «لم يجيء به غير العلاء عن ابيه». سنن ابي داود ص 340.
فهذا الحديث منكر لتفرد العلاء مع مخالفته، حيث سئل عنه احمد فانكره، وقال: سألت ابن مهدي عنه فلم يحدثني به، وكان يتوقاه، ثم قال ابو عبدالله: هذا خلاف الاحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم. علل الاحاديث «رقم 273 - ص 118».
وقال البردعي رحمه الله: «وشهدت ابا زرعة ينكر حديث العلاء بن عبدالرحمن «اذا انتصف شعبان» وزعم انه منكر». اسئلة البردعي لابي زرعة الرازي «2/ 388».
¥