تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والحالة الثالثة: أن يكون بينَ بين، يصحو ويلغو، ويكون عنده تمييز وعنده تضييع.

فأما الحالة الأولى: وهي بداية الهزة والنشاط، فمن شرب الخمر وكان في بداية الهزة والنشاط والفرح وطلَّق، فبالإجماع ينفُذ عليه الطلاق؛ لأنه في هذه الحالة لا يزول عنه الشعور، بل يكون مالكاً لنفسه، وهذا الحكم سارٍ على جميع الأحكام القولية والفعلية، فلو قتل أو زنى أو فعل أي شيء وهو في بداية الهزة والنشاط مالكاً لنفسه؛ فإنه يُؤاخذ.

الحالة الثانية: إن كان في غاية السكر وهي نهايته المطبقة التي يسقط كالمجنون، لا يفرق تماماً بين الأمور، ولا يعرف السماء من الأرض، فقالوا: إن هذا لا يؤاخذ، وجهاً واحداً عند العلماء، وعند أصحاب القولين أنه يكون كالمجنون.

الحالة الثالثة: هي الحالة الوسط وهي ما إذا كان السكران أحياناً يقول شيئاً صحيحاً وأحياناً وشيئاً خاطئاً، ويكون عنده تمييز وتضييع.

وفي هذه الحالة اختلف العلماء في وقوع الطلاق، فمنهم من يقول: يقع طلاقه؛ لأن الأصل فيه أنه مُفِيق؛ فإذا كان في حالة لم يصل فيها إلى الجنون يقولون: نستصحب حكم الأصل -أنه مفيق- فينفذ عليه الطلاق.

وأما الذين قالوا: إنه لا ينفذ عليه الطلاق، قالوا: إنه بدخوله الحالة الوسط هذه دخل في حالة الخلط، واختلط علينا أمره ولم نميز حاله، ولما كانت حالة غياب العقل والتأثير فيه والشبهة قائمة وموجودة؛ فإننا نعمل الأصل أنها زوجته، ولا نطلِّقها إلا بيقين، وإذا شككنا في هذا الطلاق، هل هو صادر عن قصد أو غير صادر عن قصد، وهو إذا عَقَل ورجع إلى صوابه إن أراد أن يطلِّق طلَّق، قالوا: ففي هذه الحالة وهو مختلِط فالأصل أنها زوجته، ونَشُك في تأثير هذا الطلاق فنسقِط هذا التاثير ونبقى على الأصل، هذا وجه التردد في الحالتين.

أما الذين قالوا: إنه ينفذ، فإنهم استدلوا بدليلين: الدليل الأول: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} [الأحزاب:49]، فاستدلوا بعموم الآيات في الطلاق، قالوا: إن الله عز وجل جعل الحكم مرتباً على وجود اللفظ، ولم يفرق بين من يعيه وهو الصاحي وبين من لا يعيه وهو السكران.

الدليل الثاني: قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثٌ جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والعتاق).

فجعل الهازل الذي لم يقصد الطلاق مؤَاخذاً بقوله، فالسكران قَصَد أو لم يقصد نؤاخذه بقوله كالهازل.

والذي يترجح -والعلم عند الله- هو القول بعدم وقوع طلاق السكران؛ وذلك إذا كان سكره مغيِّباً لعقله، لصحة ما ذكروه من أدلة الكتاب والسنة، والأصل كونها زوجةً له، وفي عصمته، فلا تبين من عصمته إلا بدليلٍ قوي.

ومن أقوى ما يرجح قولهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الحسن: (لا طلاق في إغلاق) وهو يشمل السكران والغضبان الذي أطبق عليه الغضب فاستغلقت عليه الأمور، والسكران تستغلق عليه الأمور؛ لأنه بوجود الخلط فيه لا شك أنه يتلفظ بما لا يحب أن يتلفظ به، وشُبهة السكر فيه قوية، وقد أسقط النبي صلى الله عليه وسلم المؤاخذة بقول السكران، ودلّ دليل الكتاب على أن السكران لا يعي ما يقول.

وبناءً عليه، فإنه يقوى قول من قال: إن السكران لا ينفذ طلاقه] اهـ.

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 07:00 م]ـ

وقال الحافظ في الفتح:

[قَوْله (وَقَالَ عُثْمَان: لَيْسَ لِمَجْنُونٍ وَلَا لِسَكْرَانِ طَلَاق)

وَصَلَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْ شَبَابَة، وَرُوِّينَاهُ فِي الْجُزْء الرَّابِع مِنْ " تَارِيخ أَبِي زُرْعَة الدِّمَشْقِيّ " عَنْ آدَم بْن أَبِي إِيَاس كِلَاهُمَا عَنْ اِبْن أَبِي ذِئْب عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ " قَالَ رَجُل لِعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز: طَلَّقْت اِمْرَأَتِي وَأَنَا سَكْرَان، فَكَانَ رَأْي عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز مَعَ رَأَيْنَا أَنْ يَجْلِدهُ وَيُفَرِّق بَيْنه وَبَيْن اِمْرَأَته، حَتَّى حَدَّثَهُ أَبَان بْن عُثْمَان بْن عَفَّانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْمَجْنُون وَلَا عَلَى السَّكْرَان طَلَاق، قَالَ عُمَر: تَأْمُرُونَنِي وَهَذَا يُحَدِّثنِي عَنْ عُثْمَان؟ فَجَلَدَهُ، وَرَدَّ إِلَيْهِ اِمْرَأَته " وَذَكَرَ الْبُخَارِيّ أَثَر عُثْمَان ثُمَّ اِبْن عَبَّاس اِسْتِظْهَارًا لِمَا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير