وثبت في الحديث عن أبي هريرة t أن الرسول e قال للمسيء صلاته عندما قال له: (علمني يا رسول الله، قال له: إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ... ) رواه البخاري ومسلم (3).
وقال العلامة ملا علي القاري: [وقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام قام إلى الصلاة فكبر فلو نطق بشيء آخر لنقلوه. وورد في حديث المسيء صلاته أنه قال له: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر) فدل على عدم وجود التلفظ] (1).
ثالثاً: لم يقل أحد من الأئمة الأربعة ولا غيرهم من العلماء الكبار بالتلفظ بالنية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [والجهر بالنية لا يجب ولا يستحب باتفاق المسلمين بل الجاهر بالنية مبتدع مخالف للشرع إذا فعل ذلك معتقداً أنه من الشرع فهو جاهل ضال ... ] (2).
وقال شيخ الإسلام أيضاً: [إن التلفظ بالنية لا يجب عند أحد من الأئمة] (3).
وقال الشيخ ابن أبي العز الحنفي: [فإنه لم يقل أحد من الأئمة الأربعة لا الشافعي ولا غيره باشتراط التلفظ بالنية وإنما النية محلها القلب باتفاقهم ... ] (4).
وقال القاضي جمال الدين أبو الربيع سليمان بن عمر الشافعي: [وأما الجهر بها وبالقراءة خلف الإمام ليس من السنة بل مكروه. فإن حصل به تشويش على المصلين فحرام، ومن قال بأن الجهر بلفظ النية من السنة فهو مخطىء ولا يحل له ولا لغيره أن يقول في دين الله تعالى بغير علم.
ومنهم أبو عبد الله محمد بن القاسم التونسي المالكي، قال: النية من أعمال القلوب فالجهر بها بدعة مع ما في ذلك من التشويش على الناس.
ومنهم الشيخ علاء الدين بن العطار عفا الله عنه قال: ورفع الصوت بالنية مع التشويش على المصلين حرام إجماعاً ومع عدمه بدعة قبيحة فإن قصد به الرياء كان حراماً من وجهين كبيرة من الكبائر والمنكر على من قال بأن ذلك من السنة مصيب ومصوبه مخطئ. ونسبته إلى دين الله اعتقاداً كفر وغير اعتقاد معصية.
ويجب على كل مؤمن تمكّن من زجره زجره ومنعه وردعه ولم ينقل هذا النقل عن رسول الله e ولا عن أحد من أصحابه ولا عن أحد ممن يقتدى به من علماء الإسلام.
ومنهم الشيخ العلامة أبو عبد الله محمد بن الحريري الأنصاري، قال في هذه المسألة: ما كان النبي e ولا أصحابه رضي الله عنهم ولا أحد من الأئمة الأربعة ولا علماء المسلمين يفعل مثل ذلك ... فإن زعم الفاعل لذلك أن هذا هو دين الله تعالى فقد كذب على الله تعالى وعلى رسول الله e وأدخل في دين الله ما ليس منه يستتاب بعد التعريف وتزاح عنه الشبهة التي عرضت له فإن تاب وإلا قتل بذلك] (1).
رابعاً: نسب بعض الشافعية وهو أبو عبد الله الزبيري للإمام الشافعي أنه يوجب التلفظ بالنية تعلقاً بأن الشافعي قال في كتاب " المناسك " ولا يلزمه إذا أحرم بقلبه أن يذكره بلسانه وليس كالصلاة التي لا تصح إلا بالنطق، فتأول ذلك على وجوب النطق بالنية.
قال الماوردي: [وهذا فاسد وإنما أراد - الشافعي - وجوب النطق بالتكبير ثم مما يوضح فساد هذا القول حجاجاً: أن النية من أعمال القلب فلم تفتقر إلى غيره من الجوارح كما أن القراءة لما كانت من أعمال اللسان لم تفتقر إلى غيره من الجوارح] (2).
وقال الإمام النووي مخطئاً كلام الزبيري: [قال أصحابنا غلط هذا القائل وليس مراد الشافعي بالنطق في الصلاة هذا بل مراده التكبير] (1).
خامساً: قول من قال باستحباب التلفظ بالنية ليساعد اللسان القلب (2)، لا دليل عليه من الشرع ولم يقل بالاستحباب أحد من الأئمة الأربعة ولا غيرهم من الأئمة السابقين بل المنصوص عن الإمامين مالك وأحمد أنه لا يستحب التلفظ بالنية كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية (3).
وقد سأل أبو داود - في مسائل أحمد - الإمام أحمد فقال: [يقول المصلي قبل التكبير شيئاً؟ قال: لا] (4).
ويجاب على قولهم باستحباب التلفظ بالنية بوجوه:
الأول: إن الاستحباب حكم شرعي لا يكون إلا بدليل، ولا دليل. قال الإمام الأذرعي: [ولا دليل للندب] (5).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [ولو كان مستحباً لفعله النبي e ولعظمه المسلمون] (6).
¥