تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الصواب في أقوالهم اكثر من الصواب في أقوال من بعدهم فإن التفاوت بين علوم المتقدمين والمتأخرين كالتفاوت الذي بينهم في الفضل والدين .. )) [8].

ومِنْ علاماتِ أهل البدع: الوقيعةُ في سلفِ الأمة ورميهم بالجهل تارة، ً وبعدم الفهم والسذاجة تارة كما يقولون "منهج السلف أسلم ومنهج الخلف أعلم وأحكم"، قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية: ((ومن المعلوم بالضرورة لمن تدبر الكتابَ والسنةَ وما اتفق عليه أهلُ السنةِ والجماعةِ من جميعِ الطوائف أنّ خيرَ قرونِ هذه الأمة في الأعمالِ والأقوالِ والاعتقادِ وغيرهِا من كل فضيلةٍ أنّ خيرها القرنُ الأولُ ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم كما ثَبَتَ ذلكَ عن النبي صلى الله عليه وسلم من غيرِ وجهٍ، وأنهم أفضلُ من الخَلَفِ في كل فضيلةٍ من علمٍ وعملٍ وإيمانٍ وعقلٍ ودينٍ وبيانٍ وعبادةٍ وأنهم أولى بالبيانِ لكل مُشْكلٍ، هذا لا يدفعُه إلاّ من كابرَ المعلوم بالضرورة من دين الإسلام، وأضله الله على علمٍ، كما قال عبدُالله بن مسعود -رضي الله عنه-:"مَنْ كانَ منكم مستنا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئكَ أصحابُ محمد؛ أبرّ هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم"، وقال غيره: عليكم بآثارِ مَنْ سَلَفَ فإنهم جاءوا بما يكفي وما يشفي ولم يحدث بعدهم خير كامن لم يعلموه، هذا وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم"، فكيف يحدث لنا زمان في الخير في أعظم المعلومات وهو معرفة الله تعالى هذا لا يكون أبدا وما أحسن ما قال الشافعي رحمه الله في رسالته: هم فوقنا في كل علم وعقل ودين وفضل وكل سبب ينال به علم أو يدرك به هدى ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا)) [9].

قال ابنُ رَجَب: ((وقد ابتلينا بجَهَلةٍ من النّاس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم، فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله، ومنهم من يقول هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين ... وهذا تنقص عظيم بالسلف الصالح وإساءة ظن بهم ونسبته لهم إلى الجهل وقصور العلم)) [10]، وقال ((فلا يوجد في كلام من بعدهم من حق إلاّ وهو في كلامهم موجود بأوجز لفظ وأخصر عبارة، ولا يوجد في كلام من بعدهم من باطل إلاّ وفي كلامهم ما يبين بطلانه لمن فهمه وتأمله، ويوجد في كلامهم من المعاني البديعة والمآخذ الدقيقة ما لا يهتدي إليه من بعدهم ولا يلم به، فمن لم يأخذ العلم من كلامهم فاته ذلك الخير كله مع ما يقع في كثير من الباطل متابعةً لمن تأخر عنهم)) [11].

- ومن أخطر الأمور تربية النشء على الاعتراض على الأئمة السابقين، والعلماء الربانيين بغير حجة ولا برهان، وتصويرُ ذلكَ بأنه هو التجردُ والاجتهادُ وعَلامةُ العلم والتحقيق!!، ونشر مثل هذه الكلمات: "هم رجال ونحن رجال"، و"وكم ترك الأوَّل للآخر"، " والمتأخر جمع ما عند الأولين من العلم فهو أوسع علماً" ونحو ذلك من الكلمات الواسعة والتي قد تفهم خطأ كما تقدم.

- إنّ ما تقدم ليس دعوةً للتقليد؛ فإنّ التقليد –وهو: قبول قول الغير من غير معرفة دليله- لا يجوز لمن تحققت أهليته واتسع وقتُه، بل هي دعوة للاتباع الصادق، وإنزال الناس منازلهم، ووضع الأمور في مواضعها، والعدل في القول والعمل، ومعرفة أنّ لسلفنا الصالح منهجاً فريداً متكاملاً في العلم والعمل، نابعاً من الكتاب والسنة، وما عليه الصحابة الكرام، فكانوا بحق هم أجدر من يقتدى بهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، وفي الصحيحين من حديث عَبيدة السلمانيّ عن عبدِ الله بن مسعود قال: ((سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس خير؟ قال: قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته)).

والأمر كما قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية: ((ومَنْ آتاه اللهُ علماً وإيماناً عَلِمَ أنّه لا يكون عند المتأخرين من التحقيق إلا ما هُو دونَ تحقيقِ السلفِ لا في العلم ولا في العمل)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير