إثبات صفة العينين للباري ـ جلّ جلاله ـ
ـ[محمد جميل حمامي]ــــــــ[04 - 04 - 07, 03:14 ص]ـ
إثبات صفة العينين للباري ـ جلّ جلاله ـ
إعداد: أسامة بن عبد الله الطيبي
بيت المقدس
الحمد لله المتصف بصفات الجلال والكمال، والصلاة والسلام على خير الرجال، نبيّنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن من منهج أهل السنة والجماعة ـ السلفيين ـ إثبات ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تشبيه ولا تعطيل، وقد وصف الله ـ عزّ وجلّ ـ نفسه بصفات الجلال، والجمال، والكمال، ومن هذه الصفات التي أثبتها الله لنفسه، وأثبتها له نبيّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ صفة العينين على ما يليق بجلاله، وعظمته، وسلطانه.
ومن الأدلة التي استدل بها أهل السنة لإثبات هذه الصفة العظيمة ـ ولا يستدلون في هذا المقام إلا بنصوص الوحيين الشريفين ـ.
أولاً: الأدلة من كتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ:
قال الله ـ تعالى ـ: "وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي" [طه:39]، وقال ـ جلّ ثناؤه ـ: "وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا" [الطور:48]، وقال ـ سبحانه ـ: "تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا" [القمر:14].
ففي هذه الآيات الكريمات ـ وغيرها كثير ـ إضافة صفة العين لله ـ عزّ وجلّ ـ مفردة ومجموعة؛ ففهم أهل السنة السنيّة من هذه الآيات وما شابهها أن لله ـ تعالى ـ عينين اثنتين، ولم يقل أحد من السلف أن لله ـ سبحانه ـ عيناً واحدة، أو عدة أعين؛ فـ"ذكر العين مفردة لا يدل على أنها عين واحدة فقط؛ لأن المفرد المضاف يراد به أكثر من واحد؛ مثل قوله ـ تعالى ـ: "وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا"، فالمراد نعم الله المتنوعة التي لا تدخل تحت الحصر والعدّ. وقوله ـ تعالى ـ: "أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ" فالمراد بها جميع ليالي رمضان. ولو قال قائل: نظرت بعيني، أو وضعت المنظار على عيني. لا يكاد يخطر ببال أحد ممن سمع هذا الكلام أن هذا القائل ليست له إلا عين واحدة. هذا ما لا يخطر ببال أحد أبداً. قال الإمام ابن القيم: إذا أضيفت العين إلى اسم الجمع ظاهراً، أو مضمراً فالأحسن جمعها مشاكلة للفظ؛ كقوله تعالى: "تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا"، و"فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا"، وهذا نظير المشاكلة في لفظ اليد المضافة إلى المفرد؛ كقوله ـ تعالى ـ: "بِيَدِكَ الْخَيْرُ"، و"بِيَدِهِ الْمُلْكُ". وإن أضيفت إلى جمع جمعت كقوله تعالى: "مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا"."الصفات الإلهية في الكتاب والسنة النبوية" (ص317 ـ 318).
ومما يجدر التنبيه عليه في هذا الصدد ما وقع فيه ابن حزم ـ رحمه الله ـ من الخطأ الجسيم في هذا الباب؛ إذ يقول في كتابه "المحلى" (1/ 33): "وأن لله ـ عزّ وجلّ ـ عزاً وعزة، وجلالاً وإكراماً، ويداً ويدين وأيدياً، ووجهاً، وعيناً وأعيناً".
فهذه زلة عظيمة من مثل هذا العالم، لا يتابع عليها، وما حمله على هذا إلا أنه من نفاة الصفات، مع تعظيمه ـ غفر الله له ـ للحديث والسنة، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية" (2/ 584).
ثانياً: الأدلة من السنة النبوية:
أخرج البخاري في "صحيحه" (7407) من حديث عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: ذُكر الدجال عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: " إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور ـ وأشار بيده إلى عينه ـ وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية". ( http://**********:HadithTak('Hits5085.htm'))
فهذا الحديث وما جاء في معناه حجة لأهل الحق ـ أهل السنة ـ في إثبات العينين لله ـ تبارك وتعالى ـ وقد نصص على هذه العقيدة العلماء المتقدمين منهم والمتأخرين لا خلاف بينهم في ذلك؛ مثل: عثمان بن سعيد الدارمي، وإمام الإئمة أبو بكر بن خزيمة، وأبو إسماعيل الهروي، وابن قتيبة الدينوري، وأبو الحسن الأشعري، واللالكائي, وأبو عمرو الداني, وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن قيم الجوزية، وغيرهم كثير.
قال الإمام ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ وقد سئل عن إثبات العينين لله ـ تعالى ـ، ودليل ذلك؟
فأجاب بقوله: الجواب على ذلك يتحرر في مقامين:
¥