[ملحوظات .. على كتاب الحكم بغير ما أنزل الله (مع وثائق)]
ـ[الرايه]ــــــــ[08 - 03 - 07, 02:29 م]ـ
ملحوظات
على كتاب الحكم بغير ما أنزل الله
للعنبري
كتبها
د. عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف
استاذ العقيدة جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية
التاريخ: 2/ 1/1428 هـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشراف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ..
فهذه مآخذ على كتاب (الحكم بغير ما أنزل الله وأصول التكفير (لمؤلفه خالد بن علي العنبري، فالكتاب -كما هو ظاهر عنوانه- يتحدث عن مسائل خطيرة وقضايا كبيرة، وبعد الاطلاع والقراءة لذلك الكتاب وجدت أن المؤلف -هداه الله- قد وقع في زلات وعثرات، وتلبس كتابه بجمل كثيرة من المآخذ والشطحات، فأحببت أن أشير إلى هذه المآخذ إيضاحاً للحق، ورحمة بالخلق، والله تعالى أسأل أن يهدينا وسائر إخواننا المسلمين لما اختلف فيه من الحق بإذنه،
وهانحن نورد هذه المآخذ على النسق التالي:
1 - من أظهر المآخذ على الكتاب المذكور: تناقضه واضطرابه عند إيراده لأقوال العلماء فتراه يقرر مسألة محتجاً بكلام عالم من العلماء مع أن في نفس كلام هذا العالم ما ينقض دعوى العنبري ويبطل مراده.
أ- فالمذكور يدعي أن كفر العناد (ليس هو مجرد الامتناع عن العمل مع الإقرار به بل لا بد فيه بالإضافة إلى ذلك من البغض للحق والنفرة منه والاستكبار عليه) (ص/9)، ثم يورد كلاماً لشيخ الإسلام ابن تيمية في تقرير دعواه، مع أن شيخ الإسلام قال -وكما نقله العنبري (ص/13) -: (إنما الكفر يكون بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به أو الامتناع عن متابعته مع العلم بصدقه مثل كفر فرعون واليهود ونحوهم) (الدرء 1/ 242).
فشيخ الإسلام يقرر أن مجرد الامتناع عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم يعد كفراً مخرجاً عن الملة، فما بال الكاتب يحتج بكلام ينقض دعواه؟!
فالامتناع عن طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم كفر أكبر، كما قال تعالى: ((قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ)) (آل عمران: 32).
يقول ابن كثير: (دلت الآية على أن مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم في الطريقة كفر، والله لا يحب من اتصف بذلك وإن ادعى وزعم في نفسه أنه محب لله ويتقرب إليه حتى يتابع الرسول النبي صلى الله عليه وسلم الأمي خاتم الرسل ورسول الله إلى جميع الثقلين) (تفسير ابن كثير 1/ 338).
وقال محمد بن نصر المروزي -رحمه الله-: (لا إيمان إلا بعمل، ولا عمل إلا بعقد، ومثل العمل من الإيمان كمثل الشفتين من اللسان لا يصح الكلام إلا بهما، لأن الشفتين تجمع الحروف واللسان يظهر الكلام، وفي سقوط أحدهما بطلان الكلام، وكذلك في سقوط العمل ذهاب الإيمان) (الفتاوى 7/ 334).
وساق الخلال بسنده إلى الحميدي حيث قال: وأخبرت أن قوماً يقولون: إن من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج، ولم يفعل من ذلك شيئاً حتى يموت أو يصلي مسند ظهره، مستدبر القبلة حتى يموت، فهو مؤمن، ما لم يكن جاحداً إذا علم أن تركه ذلك في إيمانه، إذ كان يقر الفروض واستقبال القبلة، فقلت هذا الكفر الصراح، وخلاف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفعل المسلمين. (السنة للخلال 3/ 586،587).
ب- ومثال ثان من تناقض المذكور: أنه قيد كفر الإعراض بشروط من عنده فقال: (ومنهم من يعرض عنه لا يصدقه ولا يكذبه، ولا يصغي له، ولا يسمعه عمداً أو استهتاراً واستكباراً) (ص/11)، فأحدث المذكور واشترط لهذا الكفر: الاستهتار والاستكبار مع أن كلام ابن القيم الذي احتج به لمذهبه، إنما هو حجة عليه ونقض لدعواه، فإن ابن القيم قال -وكما نقله العنبري-: ((وأما كفر الإعراض، فأن يُعرض بسمعه وقلبه عن الرسول، لا يصدقه ولا يكذبه ولا يواليه ولا يعاديه، ولا يصغي إلى ما جاء به ألبتة)) (مدارج السالكين 1/ 338)، فإن ابن القيم جعل مجرد الإعراض عن دين الله تعالى كفراً دون شروط اشترطها العنبري! بل إن نصوص القرآن الكريم صريحة في تعليق حكم الكفر على مجرد الإعراض، كما قال تعالى: ((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً)) (النساء:61)
¥