تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[بدعة المولد النبوي]

ـ[ابو عبدالله الرشيدي]ــــــــ[30 - 03 - 07, 11:23 م]ـ

إنّ من أعظم نِعم الله على خلقه إرسالَ الرسل، رُّسُلاً مُّبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ?للَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ?لرُّسُلِ [النساء:165]. أرسلهم لينيروا الطريق ويُوضحوا السبيل، قُلْنَا ?هْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ وَ?لَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَـ?تِنَا أُولَئِكَ أَصْحَـ?بُ ?لنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـ?لِدُونَ [البقرة:38، 39]. تابع الله الرسلَ على العباد، ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى [المؤمنون:44]، كلُّ رسول أرسله الله بلسان قومه ليكونَ ذلك أقومَ للسان وأفصحَ في البيان وأعظمَ في البرهان، قال جلَّ وعلا: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيّنَ لَهُمْ [إبراهيم:4].

آخرُ الرسل والأنبياء محمد، مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مّن رّجَالِكُمْ وَلَـ?كِن رَّسُولَ ?للَّهِ وَخَاتَمَ ?لنَّبِيّينَ [الأحزاب:40]. هو سيِّد ولد آدم، هو أفضل الأنبياء وأكملهم وسيِّدهم وإمامهم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم تسليمًا كثيرًا، يقول: ((أنا سيِّد ولد آدم ولا فخر)) [1]، أفصحُهم بيانًا وأعظمهم حجّة، آتاه الله جوامعَ الكلم، واختصر له الكلامَ اختصارًا، يقول البراء بن عازب رضي الله عنه: كان محمّد أحسنَ الخَلق وجهًا وخُلُقًا [2]، وفي صفتِه في التوراة: "أنت عبدِي ورسولي، سمّيتك المتوكِّل، ليس بالفظِّ ولا بالغليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يجازي بالسيئةِ السيّئة، بل يعفو ويغفِر، لن أقبضَه حتى يقيمَ الملّة العوجاء، أن يشهدوا أن لا إلهَ إلاّ الله، أفتحُ به قلوبًا عُميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غُلفا" [3]، فصلوات الله وسلامه عليه أبدًا دائمًا إلى يوم الدين.

خصَّه الله بخصائصَ من بين سائر الأنبياء والمرسلين، هو صاحبُ اللّواء المعقود والمقام المحمود الذي يغبِطه فيه الأوّلون والآخرون، وصاحبُ الحوض المورود، يقول: ((أعطِيتُ خمسًا لم يعطَها أحدٌ من الأنبياء قبلي: نُصِرت بالرّعب مسيرةَ شهر، وجُعِلت ليَ الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيّما رجلٍ من أمّتي أدركته الصلاة فليصلِّ، وأحِلَّت ليَ الغنائم، وكان النبيّ يُبعَث إلى قومه خاصّة، وبُعثتُ إلى النّاس عامّة، وأعطِيتُ الشفاعة)) [4].

بعثه الله ليبيِّن الحقَّ للناس، ويُعلِمهم بما أوجب الله عليهم. أدَّى الأمانة، ونصح الأمّة، وجاهد في الله حقَّ جهاده. أعلمنا أنَّ طريقة محبَّتنا لله لا تكون إلا بموافقةِ شريعة محمّد: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ?للَّهَ فَ?تَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ?للَّهُ [آل عمران:31]. أعلمنا أنَّ أصل محبّته أصل الإيمان، وأنّ كمالها كمالُ الإيمان، يقول: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من نفسه وولده ووالده والنّاس أجمعين)) [5]، ويقول أيضًا: ((ثلاثٌ مَن كنَّ فيه وجد بهنَّ حلاوةَ الإيمان: أن يكونَ الله ورسوله أحبَّ إليه ممّا سواهما، وأن يحبَّ المرءَ لا يحبُّه إلا لله، وأن يكرهَ أن يعودَ في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكرَه أن يقذَف في النار)) [6]. أعلمَنا أنّ محبَّته تقتضي طاعةَ أمرِه، بأن نطيعه فيما أمرَنا به ونجتنب ما نهى عنه: وَمَا ءاتَـ?كُمُ ?لرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـ?كُمْ عَنْهُ فَ?نتَهُواْ وَ?تَّقُواْ ?للَّهَ إِنَّ ?للَّهَ شَدِيدُ ?لْعِقَابِ [الحشر:7]. أعلمنا أنه لا إيمان إلا بتصديقِ أخباره، بأن نصدِّقه في كلّ ما أخبرنا به، فهو لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى: وَ?لَّذِى جَاء بِ?لصّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ ?لْمُتَّقُونَ [الزمر:33]. أعلمنا أنَّ مِن كمال الإيمان به أن نقتدي به ونتأسَّى به، ونستنَّ بسنّته على وفق ما شرع، لا بأهوائنا ولا باستحساننا، بل نوافق شرعَه ونتَّبع سنته: لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ?للَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، قال تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2]، وقال: فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَ?عْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ?تَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ?للَّهِ إِنَّ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير