ثم إن هناك فصولا منحولة لأفلاطون وسقراط وغيرهما من الفلاسفة اليونانيين معظمها آداب وأقوال .... وكلها تتشابه في بعض آرائها مع الأقوال المنسوبة إلى كبار الصوفية المسلمين في كتب طبقات الصوفية المختلفة (القشيري , السلمي , الشعراني , الهروي , العطار , الجامي الخ الخ).
ولقد أقر الدكتور أبو العلاء العفيفي أيضا بتأثر ابن عربي ومن نهج منهجه في الأمور الكثيرة وفي نظرية الفيض بأفلاطونية المحدثة.
وكتب الدكتور التفتازاني كلاما يشبه هؤلاء حيث قال ك
(ونحن لا ننكر الأثر اليوناني على التصوف الإسلامي , فقد وصلت الفلسفة اليونانية عامة , والأفلاطونية المحدثة خاصة , إلى صوفية الإسلام عن طريق الترجمة والنقل , أو الاختلاط مع رهبان النصارى في الرها وحران. وقد خضع المسلمون لسلطان أرسطو , وإن كانوا قد عرفوا فلسفة أرسطو على أنها فلسفة إشراقية , لأن عبد المسيح بن ناعمة الحمصي حينما ترجم الكتاب المعروف بـ (أثولوجيا أرسطو طاليس) قدمه إلى المسلمين على أن لأرسطو على حين أنه مقتطفات من تاسوعات أفلوطين.
وليس من شك في أن فلسفة أفلوطين السكندري التي تعتبر أن المعرفة مدركة بالمشاهدة في حال الغيبة عن النفس وعن العالم المحسوس , كان لها أثرها في التصوف الإسلامي فيما نجده من كلام متفلسفي الصوفية عن المعرفة. وكذلك , كان لنظرية أفلوطين السكندري في الفيض وترتيب الموجودات عن الواحد أو الأول. أثرها على الصوفية المتفلسفين من أصحاب الوحدة كالسهروردي المقتول , ومحي الدين بن عربي , وابن الفارض , وعبد الخالق بن سبعين , وعبد الكريم الجيلي , ومن نحا نحوهم.
ونلاحظ بعد ذلك أن أولئك المتفلسفة من الصوفية نتيجة اطلاعهم على الفلسفة اليونانية قد اصطنعوا كثيرا من مصطلحات هذه الفلسفة مثل: الكلمة – العقل الأول - العقل الكلي – العلة والمعلول ز الكلي .... إلخ).
وبمثل ذلك قال الدكتور محمد كمال جعفر.
والدكتور مصطفى حلمي.
والدكتور زكي مبارك.
والدكتور محمد جلال شرف.
والدكتور هلال إبراهيم هلال.
وأما الدكتور قاسم غني الفارسي فكتب:
(وأن طريق الوصول إلى المبدأ والحصول على التمتع الأبدي هو تطهير النفس السفلية عن طريق التجرد من الشهوات الجسمانية والميول الحسية وممارسة الفضائل الأربع , وهي: العفة , والعدل , والشجاعة , والحكمة. هذه نماذج من آراء الفلسفة الأفلاطونية الحديثة التي وفق المسلمون بينها وبين الشرع الإسلامي. ولهذا الغرض حذفوا منها أشياء وزادوا عليها أشياء وسموها (حكمة الإشراق).
وقد أثر في التصوف والعرفان ذيوع آراء أفلاطون وظهور الفلسفة الأفلاطونية الحديثة بين المسلمين أكثر من أي شيء. وبعبارة أخرى , أحرز التصوف الذي كان إلى ذلك الحين زهدا عمليا أساسا نظريا وعمليا.
وإذا دققنا في آراء الأفلاطونية الحديثة وجدنا أن الصوفي الزاهد الذي غض الطرف عن الدنيا وما فيها بحكم أنها فانية , وتعلق خاطره بما هو خالد. يشعر بلذة الرضا في فلسفة أفلوطين. بل يحصل على منتهى غايته في تلك الآراء , وموضوع وحدة الوجود في الفلسفة الأفلاطونية الحديثة جذب أنظار الصوفية أكثر من أي شيء آخر لأن الذين يؤمنون بهذه العقيدة يرون أن العالم كله مرآة لقدرة الحق تعالى وكل موجود بمثابة مرآة تتجلى ذات الله فيها إلا أن المرايا كلها ظاهرة , والوجود المطلق والموجود الحقيقي هو الله. ينبغي على الإنسان أن يسعى حتى يمزق الحجب ويجعل نفسه محلا لتجلي جمال الحق الكامل ويبلغ السعادة الأبدية.
على السالك أن يطير بجناح العشق نحو الله تعالى ويحرر نفسه من قيد وجوده الذي ليس إلا مظهرا فحسب. وينمحي ويفنى في ذات الله أي الموجود الحقيقي).
هذا وبمثل ذلك قال الآخرون من الفرس الذين اشتهروا باشتغالهم في التصوف , مثل الدكتور عبد الحسين زرين كوب.
والأستاذ مهدي توحيدي بور.
وقبلهم الأردبيلي أحمد بن محمد.
وغيرهم الكثيرون الكثيرون.
وأما صوفية الهند وكتاب شبه القارة عن التصوف فأيضا أقروا بتلك الحقيقة الناصعة التي لا يمكن التهرب والأعراض عنها.
فلقد قال البروفيسور يوسف سليم جشتي في كتابه الكبير عن التصوف , بعد ما استعرض آراء الأفلاطونية الحديثة ونظريتها مفصلة , قال:
¥