ونحن – أهل السنة – نقول لهذا المجوسي: أسلم، فإذا قال لنا حتى يريد الله، نقول هذه كلمة حق أريد بها باطل فلا نسلم له بجوابه، بل نقول له، الله أمرك بالإسلام ووضح لك الأمر وأزال عنك الأعذار فكتاب الله بين يديك وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بين يديك أيضاً حججٌ قائمة تدعوك للإيمان فيجب عليك أن تؤمن، فلا يجوز لك أن تتعلل بقدر الله – بعد ذلك – في عدم إيمانك، لأن قدر الله غيب، فلا يجوز أن تستدل بما لا تعلم وتقدم معنا أن القدر يستدل به في المصائب لا في المعايب.
فإذن جوابك حق أريد به باطل أريد به تبرئة النفس من المعصية والشين، نعم إذا لم يرد الله لك أن تصلي فلا يمكن أن تصلي، لكن من الذي أعلمك أن الله لم يرد لك الصلاة، ومن الذي يُعلم الإنسان أن الله قدر له السوء ولم يقدر له الخير، فتجده يتعلل بعد ذلك بهذا القدر.
وقلنا كل واحد يشهد من نفسه ضرورة التفريق بين ما جبر عليه وبين ما خيّر فيه، فما جبرت عليه لا اختيار لك فيه وأما ما خيرت فيه فلك فيه اختيار وهذا الاختيار يعلمه الله ويقدره ويحصل.
فعليك إذن أن تعمل بما في وسعك وألا تبرئ نفسك، فليست الذكورة والأنوثة كالطاعة والمعصية، فتلك مجبور فيها وأما هذا – الطاعة والمعصية – فمخير فيها وليس ذلك كهذا كل منهما بقضاء وقدر، فتثاب وتعاقب على اختيارك، فإن اخترت الخير نقول جرى به قدر الله وهذه منة الله عليك، وإن اخترت الشر نقول جرى به قدر الله وهذا خذلان الله لك [فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه].
وقد سماهم – أي هذه الفرقة الضالة المعتزلة نبينا عليه الصلاة والسلام بالمجوس ثبت الحديث بذلك في سنن أبي داود ومستدرك الحاكم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وروي الحديث من روايته عدة صحابة كرام اذكر لكم أسماءهم مع الاختصار في ذكر المخرجين: حذيفة بن اليمان، في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود وكتاب السنة لابن أبي عاصم، وعن جابر بن عبد الله في سنن ابن ماجه ومعجم الطبراني الصغير والشريعة للآجرّي والسنة لابن أبي عاصم، وعن أمنا عائشة في السنة لابن أبي عاصم، وعن أبي هريرة في السنة لابن أبي عاصم والشريعة للآجرّي وعن سهل بن سعد في كتاب تاريخ بغداد والطبراني في معجمه الأوسط، وكتاب السنة للإمام اللالكائي، وعن أنس في معجم الطبراني الأوسط.
ولفظه: [القدرية مجوس هذه الأمة إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم] والحديث في درجة الحسن نص على تحسينه الحافظ العلائي، وأقره على ذلك الإمام ابن حجر العسقلاني والإمام السيوطي، وعدد من أئمة الحديث وذكروا أن الحديث في درجة الحسن منهم الحافظ أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم العراقي رحمهم الله جميعاً.
وثبت في سنن الترمذي وسنن ابن ماجه، وكتاب السنة لابن أبي عاصم عن ابن عباس رضي الله عنهما والحديث روي أيضاً عن غيره من الصحابة الكرام منهم جابر بن عبد الله في كتاب السنة لابن أبي عاصم وسنن ابن ماجه ومنهم أبو هريرة في الشريعة للآجرّي، ومنهم أبو بكر في مسند إسحاق بن راهُويَهْ، ومنهم معاذ بن جبل في كتاب التاريخ الكبير للإمام البغدادي، ومنهم أنس بن مالك رضي الله عنه في حلية الأولياء.
ولفظ الحديث:
أن نبينا صلى الله عليه وسلم قال [صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب، القدرية والمرجئة] والحديث حسنه الإمام الترمذي ووافقه على التحسين الإمام ابن ماجه وغيره من الحفاظ.
قال ابن العربي في عارضة الأحودي شرح سنن الترمذي: "إنما قرن النبي صلى الله عليه وسلم بين القدرية والمرجئة لأن واحدة منهما أفسدت الحقيقة والأخرى أفسدت الشريعة" ولا يراد بالحقيقة هنا التصوف فانتبهوا!! بل المراد منها هنا: أمور الاعتقاد هو لم يحدد أي الفرقتين أفسدت الحقيقة وأيهما أفسدت الشريعة.
(المرجئة) يقولون: إنه لا يضر مع الإيمان خطيئة وذنب، أي أنهم يرجئون ويؤخرون الأعمال عن الإيمان، فالإيمان عندهم قول واعتقاد وليس العمل من سماته، وغلاتهم يقولون إذا قال الإنسان لا إله إلا الله محمد رسول الله ولم يأت بمأثم ولو لم يترك محظوراً دخل الجنة، فلا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة.
مت مسلماً ومن الذنوب فلا تخف ??? حاش المهيمن أن يُرى تنكيداً
¥