تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: و ما لنا نكثر الأقاويل، و حديث علي رضي الله عنه في هذا الصدد صريح لا يحتاج إلى تأويل، و فيه:

" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه ويصنعه إذا قضى قراءته وأراد أن يركع وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد وإذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه كذلك ". أخرجه البخاري في جزء رفع اليدين (9) و ابن خزيمة في صحيحه (584) و أبو داود في السنن (744) و الترمذي (3423)

و خلاصة القول؛ تبيّن مما سبق، أنّ محل التكبير و رفع اليدين إنما هو بعد الرفع من جلوس التشهد، و الإستواء في القيام، و ليس في حال الجلوس و لا أثناء النهوض. بهذا نطقت الأحاديث الصحيحة الصريحة، و ما عداها فضعيف أو شاذّ لا تقوم به حجة، و لا يثبت به دليل. هذا فيما يتعلق بالمسألة الأولى.

أما المسألة الثانية؛ و هي رفع اليدين في حال السجود و الرفع منه، فقد قال الشيخ الألباني رحمه الله: " و كان أحيانًا يرفع يديه إذا سجد " و عزا ذلك إلى النسائي و الدارقطني و المخلص في (الفوائد)، و قال: بسندين صحيحين.

قال: " و ذهب إلى مشروعيته جماعة من السلف، منهم؛ ابن عمر، و ابن عباس، و الحسن البصري، و طاووس، و ابنه عبد الله، و نافع مولى ابن عمر، و سالم ابنه، و القاسم بن محمد، و عبد الله بن دينار، و عطاء ". اهـ

ثم قال رحمه الله في موضع آخر؛ في (الرفع من السجود): " ثمّ كان ¨rيرفع رأسه من السجود مكبّرًا "، " و كان يرفع يديه مع هذا التكبير أحيانًا " و عزا ذلك إلى أحمد و أبو داود، و قال: بسند صحيح. (و عزاه في موطن لاحق إلى أبي عوانة و أبي داود، قال: بسندين صحيحين) و من جملة ما قال: " ... و صح الرفع هنا عن أنس و ابن عمر و نافع و طاووس و الحسن البصري و ابن سيرين و أيوب السختياني، كما في (مصنف ابن أبي شيبة) بأسانيد صحيحة ".اهـ

و قبل أن نناقش هذه الأدلة بالتفصيل، ينبغي أن تذكر دائمًا أنّ صحة السند لا تعني بالضرورة صحة الحديث. و لعلك تلاحظ أن الشيخ رحمه الله قصر نظره على ظاهر السند دون المتن. (وهذا غير صحيح فثمة اشياء غير سياق الرواة يلزم النظر فيه وهو الغرابة والتفرد وعدم المخالفة وسلامة المتن، وقد وجد من الاحاديث حكي فيها انها علىشرط البخاري او مسلم او كليهما وفي متونها نكارة وغرابة، وهذا لا يصح. والشيخان ينظران الى المتون كما ينظران الى الأسانيد والرجال. وهذا قد غفل عنه كثير ممن ينتسب الى العلم من أهل العصر). من كلام للشيخ الطريفي في شرح بلوغ المرام.

قلت: لنبدأ أولاً بالحديث الذي استبشر به الشيخ الألباني رحمه الله في (تمام المنة) و ذكر أنه على شرط مسلم، و هو:

- حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه " أنه رأى النبي ¨ r رفع يديه في صلاته إذا ركع، و إذا رفع رأسه من الركوع، و إذا سجد، و إذا رفع رأسه من السجود حتى يحاذي بهما فروع أذنيه ".

أخرجه النسائي في (الكبرى 672) قال: " أخبرنا محمد بن المثنى قال حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث ... "

و ههنا ينبغي أن نتنبّه إلى أن كل الروايات التي أخرجها النسائي، و فيها رفع اليدين في السجود و الرفع منه، و هي ثلاثة؛

هذه إحداها،

و أخرى عن عبد الأعلى عن سعيد به،

و ثالثة عن معاذ بن هشام الدستوائي، سيأتي الحديث عنها لاحقًا إن شاء الله.

مدارها كلها على (محمد بن المثنى) ... و هو – و إن كان ثقة – إلا أن النسائي نفسه قال عنه: " لا بأس به، كان يغيّر في كتابه " انظر تهذيب المزي (26/ 359)، و هذا جرح مؤثر في مثل هذه الروايات المخالفة للحفاظ الأثبات.

فإن قلت: قد تابعه أحمد في روايته عن ابن أبي عدي. فالجواب: أن ابن أبي عدي، وهو محمد بن إبراهيم ثقة، لكنه سمع من سعيد بآخرة، أي بعد الإختلاط. كما في ضعفاء العقيلي (2/ 112)

فإن قلت: قد أخرج مسلم الحديث في صحيحه عن محمد بن المثنى، عن ابن أبي عدي به ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير