تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالجواب: أن مسلمًا إنما أخرجه مقتصرًا على اللفظ الذي فيه حد الرفع، و ليس فيه ذكر لمحل الرفع. و من هنا تدرك خطأ مَن أطلق كونه على شرط مسلم. ذلك، لأنّ مسلمًا من عادته – و قد ذكر ذلك في مقدمة صحيحه – أن يذكر الحديث أولاً بإسناد نظيف رجاله ثقات متقنين، و يجعله أصلاً، ثم يتبعه بإسناد آخر، أو أسانيد فيها بعض الضعفاء على وجه التأكيد بالمتابعة، أو لزيادة فيه تُنبّه على فائدة فيما قدّمه.

و هكذا، فإن ذكر رفع اليدين في السجود و الرفع منه منكر. و قد روى الحديثَ الثقات الأثبات من أصحاب (سعيد بن أبي عروبة) و لم يذكروا شيئًا من ذلك، منهم:

يزيد بن زريع: قال أحمد بن حنبل: كل شيء رواه يزيد بن زريع عن سعيد فلا تبال أن لا تسمعه من أحد. سماعه من سعيد قديم، وكان يأخذ الحديث بنية. (الكامل 3/ 393)

قلت: و حديثه أخرجه النسائي و أبو نعيم و الطبراني.

وخالد بن الحارث: قال ابن عدي: أثبتهم في سعيد؛ يزيد بن زريع وخالد بن الحارث ويحيى بن سعيد القطان. (كتاب المختلطين للعلائي 1/ 41)

و حديثه أخرجه ابن سعد.

و عبد الله بن نمير: أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (2412).

و خالف هؤلاء جميعًا محمد بن جعفر المعروف بـ (غندر)، فرواه عن سعيد بلفظ: " يرفع يديه إذا أراد أن يركع وإذا رفع رأسه من الركوع وإذا رفع رأسه من السجود حتى يحاذي بهما فروع أذنيه ". أخرجه أحمد (15642)

و محمد هذا، قال فيه الحافظ في التقريب (1/ 472): " ثقة صحيح الكتاب إلا أن فيه غفلة " قلت: و هو مع تلك الغفلة، فإنه قد سمع من سعيد بعد الإختلاط، قاله ابن مهدي، كما في (تهذيب التهذيب 9/ 85)، فالرواية ضعيفة ...

و أغلب الظن أن قوله " من السجود " مصحفة من قوله " للسجود ". و قد ورد هذا اللفظ:

في حديث ابن عمر من طريق عبد الرحمن بن الأسود، وفيه: " كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه يكبر للسجود " أخرجه الطبراني في الأوسط (6464).

و في حديث أبي هريرة: " ... وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك ... " أبو داود، و من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (23/ 161)

و أما الثالثة من الروايات، فقد أخرجها النسائي في (الكبرى 674) قال: " أنبأ محمد بن المثنى قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي (هشام بن جرير الدستوائي) عن قتادة به ... و فيها:

" وإذا ركع فعل مثل ذلك وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك وإذا رفع رأسه من السجود فعل مثل ذلك ".

قلت: انفرد محمد بن المثنى بذكر " رفع الرأس من السجود "، و قد رواه عن معاذ بن هشام كلّ من؛ الحميدي و إسحاق بن راهويه، و هما أعلى كعبًا منه، و لم يذكرا ذلك. أخرج الأول أبو عوانة في صحيحه (1587) و الثاني الطبراني في الكبير (629)، و هذا مما يؤكد مقولة النسائي فيه؛ من أنه كان يغيّر في كتابه.

و تابعهما عن هشام الدستوائي:

عبد الصمد و أبو عامر، أخرجه أحمد (20554)،

و يزيد بن زريع، أخرجه ابن ماجة (859) و الطبراني في الكبير (629).

و خلاصة القول: أن الصحيح المحفوظ الثابت عن سعيد بن أبي عروبة، و هشام، في روايتهما عن قتادة، الإقتصار في رفع اليدين على المواطن الثلاثة؛ الإحرام و الركوع و بعد الرفع منه.

و قد تابعهما على ذلك جِلّة أصحاب قتادة، منهم:

أبو عوانة، عند مسلم (391)،

و شعبة، عند البخاري في جزء رفع اليدين، و النسائي، و أبي عوانة، و الدارمي، و ابن حبان، و الطبراني.

و حماد بن سلمة، و سعيد بن بشير، و عمران القطان، ثلاثتهم عند الطبراني.

و رواه همام عنه بلفظ: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حيال إذنيه في الركوع والسجود " أخرجه أحمد (20556) و أبو عوانة (1590) كلاهما من طريق عفان ..

قلت: و همام ثقة إلا أن حفظه رديء، و قد ذكر عفان نفسه عنه فقال: " كان همام لا يكاد يرجع إلى كتابه ولا ينظر فيه، وكان يخالف فلا يرجع إلى كتابه. ثم رجع بعد فنظر في كتبه فقال: يا عفان كنا نخطئ كثيرا فنستغفر الله تعالى " (تهذيب التهذيب 11/ 61)

و اختصر الحافظ ترجمته في (التقريب 1/ 574) فقال: " ثقة، ربما وهم ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير