تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و يمكن حمل قوله:" و السجود " على إرادة السجود؛ بل هو المتعين، لأنّ رفع اليدين في هذا المحل يكون بعده الهوي للسجود مباشرة. و هذا يرد كثيرًا في تعبير السلف، فقد ورد في حديث وائل بن حجر رضي الله عنه، الذي رواه ابن حبان في صحيحه (1862) قوله: " فإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه فكبر فسجد "، و لشدة التصاقه بالسجود، فقد يعبّر عنه بصيغة الفعل أحيانًا فيقول:" أنه رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم يرفع يديه حين يفتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا سجد "، أخرجه الدارقطني في سننه (13) من حديث وائل. فيظن من لم يعطِ النظر حقه أنّ قوله " و إذا سجد " دليل على مشروعية رفع اليدين في كل تكبير.

و من المعلوم أن بعض الرواة يروون الحديث بالمعنى، فإذا كان مخرج الحديث واحد، فينبغي تحرير تلك الروايات و إرجاعها إلى معنى واحد. و إلا صار كل لفظ من ألفاظ الرواة شريعة، و وقع التنافر في الأحكام.

هذا فيما يتعلق بحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه، من رواية نصر بن عاصم. و قد رواه كذلك أبو قلابة، و فيه: " أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى كبر ورفع يديه، وإذا أراد أن يركع رفع يديه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه. وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع هكذا "، أخرجه البخاري، و مسلم، و أبو عوانة، و ابن خزيمة و ابن حبان في صحاحهم.

هذا هو الصحيح المحفوظ من حديث مالك، و ما سواه فمنكر و غريب لا تقوم به حجة.

- حديث ابن عمر رضي الله عنهما: قال الشيخ الألباني رحمه الله: " ... فقد روى ابن حزم من طريق نافع عن ابن عمر؛ أنه كان يرفع يديه إذا سجد، و بين الركعتين. و إسناده قوي. و روى البخاري في جزء (رفع اليدين) من طريق سالم بن عبد الله؛ أنّ أباه كان إذا رفع رأسه من السجود، و إذا أراد أن يقوم، رفع يديه. و سنده صحيح على شرط البخاري في الصحيح ".اهـ من (تمام المنة ص:172)

حديث ابن عمر، فيه المرفوع، و فيه الموقوف. و لكن تماشيًا مع طرح الشيخ رحمه الله، نبدأ بالموقوفات لنسبر حالها ...

الأثر الأول الذي ذكره الشيخ رحمه الله، رواه ابن حزم من طريق محمد بن بشار ثنا عبد الوهاب الثقفي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: " أنه كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة، و إذا ركع، و إذا قال: سمع الله لمن حمده، و إذا سجد، و بين الركعتين، يرفعهما إلى ثدييه "

و رواه البخاري في جزء القراءة (79): عن محمد بن عبد الله بن حوشب عن عبد الوهاب الثقفي به. " أنه كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة وإذا ركع وإذا قال سمع الله لمن حمده وإذا قام من الركعتين يرفعهما "

و اللفظان يصدق بعضهما الآخر، فقوله " و إذا قال: سمع الله لمن حمده و إذا سجد" يريد، و الله أعلم، أنه كان يرفع بين ذينك الحالين، و قد قررت فيما مضى أن الرفع في هذا المقام أحيانًا يضاف للرفع من الركوع، و أحيانًا أخرى يضاف للسجود، لوقوعه بينهما.

و هذا نظير قول نافع: " أن ابن عمر رضي الله عنه كان يكبر بيديه حين يستفتح، وحين يركع، وحين يقول: سمع الله لمن حمده، وحين يرفع رأسه من الركوع ... الحديث ". و هو مخرج في جزء رفع اليدين للبخاري (38). فقوله " حين يقول: سمع الله لمن حمده، و حين يرفع رأسه من الركوع "؛ أي أنّ رفع اليدين يكون بين ذينك المحلين؛ بعد التسميع الذي يكون أثناء الرفع، و بعد الإنتهاء من الرفع و الإستواء في القيام، على الوجه الذي بيّنّا أول البحث.

و قد ورد عن نافع عن ابن عمر: " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يرفع يديه عند التكبير للركوع وعند التكبير حين يهوى ساجدًا " أخرجه الطبراني في (الأوسط 16)، قال الهيثمي (2/ 102): إسناده صحيح.

وعن أبي هريرة أنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك، وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك " أخرجه أبو داود (738)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير