تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما أن التكبير للسجود قد يضاف أحيانًا للرفع من الركوع،كما في حديث أبي هريرة: "كان يكبر إذا ركع و إذا رفع رأسه " (البخاري762)، و في حديث الخدري: "فجهر بالتكبير حين افتتح وحين ركع وحين قال سمع الله لمن حمده " (ابن خزيمة 580) وقال عقبه: قوله "وحين قال: سمع الله لمن حمده"، إنما أراد حين قال: سمع الله لمن حمده فأراد الإهواء للسجود كبر، لا أنه إذا رفع رأسه من الركوع كبر. اهـ .. فإذا استوعبنا هذا الأمر زال الإشكال، و انسجمت ألفاظ الحديث.

و قوله " بين الركعتين " يريد بين الركعة الثانية و الثالثة، كما قال الإمام السيوطي في " الديباج " (2/ 243)، أي بعد القيام من التشهد، و هذا مصطلح معروف لدى السلف، و منها حديث ابن مسعود رضي الله عنه: " إذا جلستم بين الركعتين فقولوا التحيات لله والصلوات والطيبات ... الحديث " (البيهقي في الكبرى 2677).

و لعلك لاحظت أيها اللبيب أن الشيخ الألباني رحمه الله حينما تصرف في رواية الحديث فذكر بعضه دون بعض، اختل البيان.

هذا، و تابع عبدَ الوهاب الثقفي، عبدُ الأعلى فرواه عن عبيد الله به: " أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع يديه. ورفع ذلك ابن عمر إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم " أخرجه البخاري (706)

و خالف أبو أسامة، فرواه عن عبيد الله، بلفظ: " أنه كان يرفع يديه إذا رفع رأسه من السجدة الأولى " أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2796). و هذا خطأ ظاهر، و ما في الصحيح أولى بالإتباع.

و أبو أسامة هو: حماد بن أسامة، قال الحافظ في التقريب (1/ 77): " ثقة ثبت ربما دلس وكان بأخرة يحدث من كتب غيره " و النتيجة هي ضعف الرواية و شذوذها، و بالتالي عدم اعتبارها للإحتجاج بها.

و الخلاصة: أن خبر ابن عمر رضي الله عنهما، من طريق عبيد الله عن نافع، ليس فيه دلالة على دعوى الشيخ الألباني رحمه الله. و لايسعفه في حال من الأحوال.

و أما حديث ابن عمر الثاني الذي استدل به الألباني رحمه الله على سنية الرفع في السجود؛ فقد رواه البخاري في (جزء رفع اليدين 12) قال: "أخبرنا أيوب بن سليمان حدثنا أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن العلاء أنه سمع سالم بن عبد الله: أن أباه كان إذا رفع رأسه من السجود وإذا أراد أن يقوم رفع يديه ".

قلت: هذا الخبر لا ينبغي أن يُفرح به؛ لأنه من رواية العلاء بن عبد الرحمن؛ قال أبو زرعة: ليس هو بأقوى ما يكون. وقال أبو حاتم: صالح، روى عنه الثقات ولكنه أنكر من حديثه أشياء. من (تهذيب الكمال للمزي 22/ 520).

و قال الحافظ في (التقريب1/ 435): صدوق ربما وهم.

و وَهِم الشيخ الألباني رحمه الله حينما جعل الخبر على شرط البخاري في الصحيح. ذلك لأن (العلاء) هذا، ليس من رجال الصحيح. و إنما روى له في جُزئَي " القراءة خلف الإمام " و " رفع اليدين ".

و مما يدلك على ضعف تينك الروايتين اللتين ذكرهما الشيخ رحمه الله، أنهما مخالفتان بعض الشيء لسياق رواية أصحاب نافع و سالم من الأئمة الحفاظ المتقنين، و هم الزهري، و ابن جريج، و مالك، و الليث، و عبيد الله في الصحيح عنه , و أيوب، و غيرهم.

بل في رواية هؤلاء الأعلام التصريح بعدم مشروعية رفع اليدين في غير تلك المواطن. ففي رواية بعضهم:

" و كان لا يفعل ذلك في السجود "

و في رواية: " ولا يفعل ذلك حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود " أخرجهما البخاري (702 - 705).

و في أخرى: " و لا يرفع بين السجدتين " مسلم (1/ 292) و ابن خزيمة (583) و ابن الجارود (177) و غيرهم.

و قد حاول الشيخ الألباني رحمه الله التوفيق بين هذه و تلك فقال: " و لا تعارض بين هذه الأحاديث و بين حديث ابن عمر المتقدم بلفظ:" .. و لا يرفعهما بين السجدتين"، لأنه نافٍ، و هذه مثبتة، والمثبت مقدم على النافي،كما تقرر في علم الأصول .. " (تمام المنة ص 172)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير