العطار , صدوق تكلم فيه للقدر , من السابعة ". و بالجملة , ففي هذه الرواية مع
الإرسال ضعف لا يعلل به الرواية المسندة التي قبلها , و إنما علتها العنعنة كما
ذكرنا , و إنما ذكرت هذه المرسلة لنرجح لفظة (العلم) على لفظة (الظلم). و
قد وجدت لها شاهدا من حديث سيار عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه
وسلم: " إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة و فشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها
على التجارة و قطع الأرحام و شهادة الزور و كتمان شهادة الحق و ظهور القلم ".
رواه البخاري في " الأدب المفرد " (1049) و أحمد (1/ 407) بإسناد صحيح ,
رجاله ثقات رجال مسلم غير سيار , و هو سيار أبو الحكم كما وقع في رواية البخاري
, و كذا الطحاوي في " مشكل الآثار " (4/ 385) و أحمد في رواية (1/ 419) و
كذا في رواية الحاكم لهذا الحديث ببعض اختصار في " المستدرك " (4/ 445) و في
حديث آخر عند أحمد (1/ 389) و هو ثقة من رجال الشيخين , لكن قيل: إنه سيار
أبو حمزة , و رجحه الحافظ في " التهذيب " , و رده الشيخ أحمد شاكر في تعليقه
على " المسند " (5/ 257 - 258) و ادعى أن أبا حمزة هذا لم توجد له ترجمة ,
مع أنه من رجال " التهذيب " , ذكره عقب ترجمة سيار أبي الحكم , و ذكر الحافظ
المزي أنه ذكره ابن حبان في " الثقات " , فقال الحافظ ابن حجر: " و لم أجد
لأبي حمزة ذكرا في " ثقات ابن حبان " , فينظر ". قلت: هو عنده في " أتباع
التابعين " قبيل ترجمة سيار أبي الحكم (6/ 421 - هندية). و كذلك ترجمه
البخاري في " التاريخ الكبير " (2/ 2 / 160) و ابن أبي حاتم (2/ 1 / 255)
. و الأول ثقة من رجال الشيخين , و هذا لم يوثقه غير ابن حبان , و روى عنه جمع
, و لكن لم نجد حجة لمن ادعى أنه هو راوي هذا الحديث مع تصريح الراوي عنه - و
هو بشير بن سلمان - أنه سيار أبو الحكم , إلا مجرد ادعاء أنه أخطأ في ذلك و أن
الصواب أنه سيار أبو حمزة. و لو سلمنا بذلك فالإسناد لا ينزل عن مرتبة الحسن
لما سبق من توثيق ابن حبان إياه مع رواية جمع عنه. و الحديث أورده الهيثمي في
" مجمع الزوائد " (7/ 329) برواية أحمد بتمامه , و البزار ببعضه ثم قال: "
و رجالهما رجال الصحيح ". (فائدة): وقع في " المجمع " (العلم) مكان (
القلم) , و الظاهر أنه تحريف , و الصواب ما في " المسند ": (القلم)
لمطابقته لما في " جامع المسانيد " (27/ 166 - 167) عنه , و لرواية " الأدب
المفرد " من الطبعة السلفية , و الطبعة التازية و الطبعة الهندية , خلافا
للطبعة الجيلانية , و لا ينافي ذلك زيادة النسائي و رواية الداني , لأنها بمعنى
(القلم) أو قريبة منه , و لاسيما و قد فسرها علي بن معبد بقوله: " يعني
الكتاب " أي الكتابة. قال العلامة أحمد شاكر: " يريد الكتابة ". قلت: ففي
الحديث إشارة قوية إلى اهتمام الحكومات اليوم في أغلب البلاد بتعليم الناس
القراءة و الكتابة , و القضاء على الأمية حتى صارت الحكومات تتباهى بذلك ,
فتعلن أن نسبة الأمية قد قلت عندها حتى كادت أن تمحى! فالحديث علم من أعلام
نبوته صلى الله عليه وسلم , بأبي هو و أمي. و لا يخالف ذلك - كما قد يتوهم
البعض - ما صح عنه صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث أن من أشراط الساعة أن
يرفع العلم و يظهر الجهل لأن المقصود به العلم الشرعي الذي به يعرف الناس ربهم
و يعبدونه حق عبادته , و ليس بالكتابة و محو الأمية كما يدل على ذلك المشاهدة
اليوم , فإن كثيرا من الشعوب الإسلامية فضلا عن غيرها , لم تستفد من تعلمها
القراءة و الكتابة على المناهج العصرية إلا الجهل و البعد عن الشريعة الإسلامية
, إلا ما قل و ندر , و ذلك مما لا حكم له. و إن مما يدل على ما ذكرنا قوله صلى
الله عليه وسلم: " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد , و لكن
يقبض العلم بقبض العلماء , حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا
, فأفتوا بغير علم فضلوا و أضلوا ". رواه الشيخان و غيرهما من حديث ابن عمرو و
صدقته عائشة , و هو مخرج في " الروض النضير " (رقم 579). ثم بدا لي أن
الحديث صحيح من جهة أخرى , و هي أنه وقع عند الطيالسي تماما لحديث البخاري الذي
¥