تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال ابن عمر: (أمَرَ رَسُولُ اللهِ ?صلى الله عليه وسلم?بقَتْلِ الكِلاَبِ، إِلاَّ كَلْبَ الصَّيْدِ، أوْ كَلْبَ غَنَمٍ، أوْ مَاشِيَةٍ)، والحديثان في الصحيح،- قلت: انظر-لتخريجهما- (باب (9) الكلب والقتل) -.

فدلّ على أنَّ الرخصةَ في كلبِ الصيد، وكلب الغنم، وقعت بعد الأمر بقتل الكلاب، فالكلب الذي أذِنَ رسولُ الله ? في اقتنائه هو: الذي حرَّم ثمنه، وأخبر أنَّه خبيثٌ، دون الكلب الذي أمر بقتله، فإنَّ المأمور بقتله غيرُ مستبقى، حتى تحتاج الأمة إلى بيان حكم ثمنه، ولم تجر العادة ببيعه، وشرائه، بخلاف الكلب المأذون في اقتنائه، فإنَّ الحاجةَ داعيةٌ إلى بيان حكم ثمنه، أولى مِن حاجتهم إلى بيان ما لم تجر عادتهم ببيعه، بل قد أمروا بقتله.

ومما يبيِّن هذا: أنَّه ?صلى الله عليه وسلم?ذكر الأربعة التي تُبذل فيها الأموال عادةً، لحرص النُّفوس عليها، وهي ما تأخذه الزانيةُ، والكاهنُ، والحجَّامُ، وبائعُ الكلب، فكيف يُحمل هذا على كلبٍ لم تجر العادة ببيعه؟! وتخرج منه الكلاب التي إنما جرت العادة ببيعها؟! هذا مِن الممتنع البيِّن امتناعه. ا. هـ (الزاد [791 - 792]).

2 - القول بجواز بيع الكلب المأذون في اقتنائه: وهو قول عطاء، وإبراهيم النخعي، وهو قول سحنون من المالكية (8).

قال الشنقيطي رحمه الله- مقرِّراً تحريم بيع الكلاب المأذون في اتخاذها، وغير المأذون فيها، رادًّا على مَن استثنى-:

... فاعلم أنَّ العلماءَ اختلفوا في بيعه.

فمنهم مَن قال: بيعُه تابعٌ لِلَحْمِه، ولحمُه حرامٌ، فبيعُه حرامٌ، وهذا هو أظهر الأقوال دليلاً لما قدمنا مِن أنَّ (ثَمَن الكَلْبِ خَبِيثٌ) و (أنَّ النَّبيَّ ?صلى الله عليه وسلم?نَهَى عنه مقروناً بِحُلْوَانِ الكَاهِنِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ) وهو نصٌّ صحيحٌ صريحٌ في منع بيعه ويؤيده ما رواه أبو داود بإسنادٍ صحيحٍ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً قال: (نَهَى رَسُولُ اللهِ ?صلى الله عليه وسلم?عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ وَقَالَ: إِنْ جَاءَ يَطْلَبُ ثَمَنَ الكَلْبِ فَاملأْ كَفَّهُ تَرَاباً)، قال النووي في "شرح المهذب" وابن حجر في "الفتح": إسناده صحيح- (المجموع [9/ 273])، (الفتح [4/ 536]) -.

وروى أبو داود أيضاً من حديث أبي هريرة مرفوعاً: (لاَ يَحِلُّ ثَمَنُ الكَلْبِ، وَلاَ حُلْوَانُ الكَاهِنِ وَلاَ مَهْرُ البَغِيِّ). قال ابن حجر في "الفتح": إسناده حسن، وقال النووي في "شرح المهذب": إسناده حسن صحيح - (الفتح [4/ 536])، (المجموع [9/ 273]).

وإذا حقَّقْتَ ذلك: فاعلم أنَّ القول بمنع بيع الكلب الذي ذكرنا أنَّه هو الحق عامٌّ في المأذون في اتخاذه وغيره لعموم الأدلة.

وممن قال بذلك: أبو هريرة والحسن البصري والأوزاعي وربيعة الحكم وحماد والشافعي وأحمد وداود وابن المنذر وغيرهم. وهو المشهور الصحيح مِن مذهب مالك (9)، خلافاً لما ذكره القرطبي في "المفهم" مِن أنَّ مشهور مذهبه الكراهة. وروي عن مالك أيضاً جواز بيع كلب الصيد ونحوه، دون الذي لم يؤذن في اتخاذه وهو قول سحنون، لأنَّه قال: أبيع كلب الصيد وأحجُّ بثمنه.

وأجاز بيعه أبو حنيفة مطلقاً إنْ كانت فيه منفعةٌ مِن صيدٍ أو حراسةٍ لماشيةٍ مثلاً، وحكى نحوه ابن المنذر عن جابر وعطاء والنخعي قاله النووي.

... واحتج مَن أجاز بيع الكلب وألزم قيمتَه إنْ قتل بما روي عن أبي هريرة ?: أنَّ النَّبيّ ?صلى الله عليه وسلم? (نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ إِلاَّ كَلْبَ الصَّيْدِ).

وعن عمر ?: أنَّه غرَّم رجلاً عن كلبٍ قتله، عشرين بعيراً.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص: أنَّه قضى في كلبِ صيدٍ قتله رجلٌ بأربعينَ درهماً وقضى في كلبِ ماشيةٍ بكبشٍ.

واحتجوا أيضاً: بأنَّ الكلبَ المأذون فيه تجوز الوصيةُ به والانتفاع به فأشبه الحمار.

وأجاب الجمهور:

أ- بأنَّ الأحاديثَ والآثارَ المرويةَ في جواز بيع كلب الصيد ولزوم قيمته كلها ضعيفةٌ. قال النووي في "شرح المهذب" ما نصُّه [وأما الجواب عما احتجوا به من الأحاديث والآثار فكلها ضعيفةٌ باتفاق المحدِّثين وهكذا أوضح الترمذي والدارقطني والبيهقي: ضعفها] ا. هـ كلام النووي (10). (أضواء البيان [2/ 233 - 234]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير