تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كَأنَّ الثُّرَيا عُلِّقَتْ فوقَ نحرهِ وفِي جيدِه الشعرَى وفي وجهه القَمر (3)

وفي مقدمة ابن خلدون بحث كامل عنوانه: (علم أسرار الحروف) أو علم السيمياء كما فهمه القدماء.

يتَّضحُ مما أوردنا أن كلمة سيمياء مشتقة، وهي بمعنى العلامة أو الآية، أي بالفرنسية ( Signe)(4). والأولى لنا استخدام هذا المصطلح (سيمياء) دون غيره لأنه مصطلح ضارب في الأصل العربي. ويعبر عنه حالياً بمصطلحين، هما: " Sémiologie" بالفرنسية و" Sémiotice" بالإنكليزية. وهذان المصطلحان مشتقان من اللفظة الإغريقية لـ " Sémion" بمعنى الإشارة أو العلامة.

ب- (سيمياء) اصطلاحاً:

إن مصطلح «سيمياء» يعني في أبسط تعريفاته وأكثرها استخداماً نظام السمة أو الشبكة من العلاقات النظمية المتسلسلة (5)، وفق قواعد لغوية متفق عليها في بيئة معينة.

إن السيمياء هي "عبارة عن لعبة التفكيك والتركيب، وتحديد البنيات العميقة الثاوية وراء البينات السطحية المتمظهرة فونولوجياً ودلالياً" (6)، وهي بأسلوب آخر "دراسة شكلانية للمضمون، تمر عبر الشكل لمساءلة الدوال من أجل تحقيق معرفة دقيقة بالمعنى" (7).

وهناك شبه اتفاق بين العلماء يعطي مكانة مستقلة للغة، يسمح بتعريف السيمياء على أنها دراسة الأنماط والأنساق العلاماتية غير اللسانية (9). إلا أن العلامة في أصلها قد تكون لسانية (لفظية)، وغير لسانية (غير لفظية) (10).

فالسيماء "هي علم الإشارة الدالة مهما كان نوعها وأصلها. وهذا يعني أن النظام الكوني بكل ما فيه من إشارات ورموز هو نظام ذو دلالة. وهكذا فإن السيميولوجية هي العلم الذي يدرس بنية الإشارات وعلائقها في هذا الكون، ويدرس بالتالي توزعها ووظائفها الداخلية والخارجية" (11).

إن السيمياء أو السيميولوجيا كما عرّفها فرديناند دوسوسير هي عبارة عن علم يدرس الإشارات أو العلامات داخل الحياة الاجتماعية (12).

والنص الذي يتلى دوماً هو "اللغة نظام علامات، يعبر عن أفكار، ولذا يمكن مقارنتها بالكتابة، بأبجدية الصم إليكم، بأشكال اللياقة، بالإشارات العسكرية، وبالطقوس الرمزية، إلخ .. على أن اللغة هي أهم هذه النظم على الإطلاق" (13).

إن سوسير يضع العلامات داخل أحضان المجتمع، ويجعل اللسانيات فرعاً من السيمياء خلافاً لغيره من العلماء، وهكذا فإن علم السيمياء هو ذلك العلم الذي يدرس حياة الإشارات في قلب المجتمع، ويهتم بإنتاج الإشارات أو العلامات واستعمالها، بحيث تبرز الأنظمة السيمائية من خلال العلاقات بين العلامات.

والواقع أن السيمياء لم تصبح علماً قائماً بذاته إلا بالعمل الذي قام به الفيلسوف الأمريكي تشارلز سندرس بيرس Ch. S Peirce (1839-1914 م). فالسيمياء أو السيميولوجيا تبعاً لرؤيته هي علم الإشارة، وهو يضم جميع العلوم الإنسانية والطبيعية، حيث يقول: "ليس باستطاعتي أن أدرس أي شيء في هذا الكون كالرياضيات، والأخلاق .. وعلم النفس، وعلم الصوتيات، وعلم الاقتصاد .. إلا على أنه نظام سيميولوجي" (14).

إن نظام بيرس السيميائي (السيميولوجي) هو عبارة عن مثلث، تشكل الإشارة فيه الضلع الأول، وهو الذي له صلة حقيقية بالموضوع الذي يشكل الضلع الثاني المحدد للمعنى. وهذا الضلع الثالث –أي المعني- هو إشارة كذلك تعود على موضوعها الذي أنتج المعنى (15).

فالعلامة عنده متعددة الأوجه على خلاف العلامة (الدليل) عن دوسوسير، فإنها ذات وجهين: دال ( Signifiant) ومدلول ( Signifié).

وتبعاً لرؤية بيرس فإن كل العلامات تدرك من خلال تلك المستويات الثلاثة (الإشارة-الموضوع-المعنى). ولهذا فإن المدلول هو معنى الإشارة، أي أنه يمثل العلاقة الأفقية بين إشارة وأخرى. وهذا هو الذي يجعل من المدلول إشارة أيضاً تحتاج إلى مدلول آخر يفسر غموضها ويزيح إبهامها.

ومن الملاحظ أن بيرس يركز على الوظيفة المنطقية للإشارة، بينما يركز دوسوسير على الوظيفة الاجتماعية، ولكن المظهرين على علاقة متينة.

والمصطلحان سيميولوجيا ( sémiologie) وسيميوطيقا ( Sémiotice) يغطيان اليوم نظاماً واحداً متكاملاً. والفرق الوحيد بين هاتين اللفظتين أن Sémiolgie مفضلة عند الأوروبيين تقديراً لصياغة سوسير لهذه اللفظة، بينما يبدو أن الناطقين بالإنجليزية يميلون إلى تفضيل Sémiotice احتراماً للعالم الأمريكي بيرس.

يتبع .....

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير