تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - ابن شهاب الزهري، عزاه السيوطي في " الدر المنثور " [6/ 481] إلى ابن عبد الحكم في " فتوح مصر " وابن أبي حاتم و والبيهقي في الدلائل [332] وابن عساكر.

5 - جابر بن زيد، عند ابن جرير الطبري في " تفسيره " [21232] قال حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهبٍ قال ابن زيد به.

وغيرهم.

فصل

في الكلام على مراهنة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

هل كانت قبل التحريم أم بعده؟!

بما تقدم من ألفاظ الحديث وتنوع مخرجه نجد فيه أن من الروايات ما دلّت على أن هذا العمل من أبي بكر رضي الله عنه حصل قبل تحريم الرهان، كما جاء في حديث نيار بن مكرم الأسلمي وفيه (وذلك قبل تحريم الرهان) وفي لفظ: (وذلك قبل أن ينزل في الرهان ما نزل .. )، و وقع في مرسل قتادة قوله (وذلك قبل أن ينهى عن القمار في الأجل).

وجاءت روايات أخرى تدل على أن التحريم سبق هذه القصة، كما في حديث البراء بن مالك رضي الله عنه، وقال في آخره: (هذا السحت، تصدق به)، وفي لفظ: (هذا للنجائب)، وصرّح فيه بكراهة النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، فاعتذر أبو بكر بكونه: تصديقاً لله ولرسوله.

قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في " الفروسية ": (وقوله: (وذلك قبل تحريم الرهان)، من كلام بعض الرواة ليس من كلام أبي بكر ولا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم).

وقال: (وقد اختلف أهل العلم في إحكام هذا الحديث ونسخه على قولين فادعت طائفة نسخه بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر والقمار، قالوا ففي الحديث دلالة على ذلك وهو قوله: (وذلك قبل تحريم الرهان)، قالوا ويدل على نسخه ما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل)، والسَبَق بفتح السين والباء وهو الخطر الذي وقع عليه الرهان وإلى هذا القول ذهب أصحاب مالك والشافعي واحمد.

وادعت طائفة أنه محكم غير منسوخ وأنه ليس مع مدعي نسخه حجة يتعين المصير إليها قالوا والرهان لم يحرم جملة فإن النبي صلى الله عليه وسلم راهن في تسبيق الخيل كما تقدم، وإنما الرهان على المحرم الرهان على الباطل الذي لا منفعة فيه في الدين وأما الرهان على ما فيه ظهور أعلام الإسلام وأدلته وبراهينه كما قد راهن عليه الصديق فهو من أحق الحق وهو أولى بالجواز من الرهان على النضال وسباق الخيل والإبل أدنى وأثر هذا في الدين أقوى لأن الدين قال بالحجة والبرهان وبالسيف والسنان والمقصد الأول إقامته بالحجة والسيف منفذ قالوا وإذا كان الزهري قد أباح الرهان في الرمي والمسابقة بالخيل والإبل لما في ذلك من التحريض على تعلم الفروسية وإعداد القوة للجهاد فجواز ذلك في المسابقة والمبادرة إلى العلم والحجة التي بها تفتح القلوب ويعز الإسلام وتظهر أعلامه أولى وأحرى وإلى هذا ذهب أصحاب أبي حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية، قال أرباب هذا القول والقمار المحرم هو أكل المال بالباطل، فكيف يلحق به أكله بالحق، قالوا والصديق لم يقامر قط في جاهلية ولا إسلام، ولا أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قمار فضلا عن أن يأذن فيه، وهذا تقرير قول الفريقين). اهـ.

قلت: كما استدل ابن القيم في " الفروسية " بقصة مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم و ركانة على شاة يغرمها المغلوب، وقال عن أحد أسانيدها: (هذا إسناد جيد متصل)، ورواه البيهقي مرسلاًً، وقال: (وهو مرسل جيد)، والحديث مخرّج في " تلخيص الحبير " للحافظ ابن حجر [4/ 299]، وحسن الألباني بعض الأسانيد المتصلة للقصة كما في " الإرواء " [5/ 331].

وقول ابن القيم رحمه الله تعالى بأن قوله (وكان ذلك قبل تحريم الرهان) من زيادة بعض الرواة: يحتاج إلى دليل بين، وبلا شك انه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولا من كلام أبي بكر رضي الله عنه، ولكن لا يستبعد أن يكون من كلام راوي القصة وهو الصحابي الجليل نيار بن الحكم رضي الله عنه، وهو أعلم بحقيقة الحال، وحتى لو قيل بأنها من بعض الرواة لا تقوم بها حجة، فإنه لا دليل يوجد على تحريم الخمر أصلاً.

خاصة وأن الأولى لمن رام الجمع بين النهي وفعل أبي بكر الصديق وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم له هو: أن يحمل حديث أبي بكر رضي الله عنه على ما قبل التحريم لأن أبا بكر رضي الله عنه من ألزم الناس لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان ليرتكب محظوراً يرتقب فيها استثناء النبي صلى الله عليه وسلم وإقراره، وما استدل به من حديث ركانة رضي الله عنه يرد عليه بجوابين: الأول: أن قصة ركانة كانت قبل التحريم كذلك، لأنها كانت في مكة، كما في " الإصابة " [3/ 287]، ولم يثبت تحريم الرهان إلاّ بالمدينة.

الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأخذ الرهن وإنما أرجعه إلى ركانة كما جاء في رواية أبي داود المرسلة في " المراسيل " وذكرها البيهقي في " السنن الكبرى " وفي غيرها من الروايات، فلم يكن فيه أخذ المال بالباطل، وإنما قبله صلى الله عليه وسلم أولاً لثقته بربه بأنه سوف يصرع ركانة، مع عزمه على عدم أخذ شي من ماله، فلا يصبح مغامرة بينهما، والله أعلم.

هذا والمسألة محل بسط اكتفيت بما ذكر على وجه السرعة للمذاكرة والله أعلم.

وكتب: بدر بن علي العتيبي 15 محرم 1425هـ

- - - - - - - - - - - - - - - - -

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير